عماد فرغلي يكتب.. الخشوع وصوت الإمام
في إحدى الليالي الوترية من العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك التي انقضت أيامه ولياليه الجميلة قبل أسبوعين وأثناء صلاة التهجد في المسجد القريب من منزلي حدث لي موقف أغضبني من نفسي فعلى غير العادة لم أشعر في هذه الليلة بالتأثر والخشوع ولم أصل لحالة التدبر والتأمل للآيات القرآنية الكريمة التي يتلوها الإمام في كل ركعة وقد حاولت الخروج من هذه الحالة دون جدوى فصوت الإمام في القراءة لم يكن "عذبا"، وللأمانة وعلى العكس تمامًا كان صوته في الدعاء "كروانا".
فهل من الضروري ان يكون صوت الامام جميلا حتى يصل المأموم إلى حالة الخشوع وهل هذا دوره ؟ من المرجح الا تكون هناك علاقة مباشرة بين هذا وذلك ، ولكن من المؤكد أنه كلما كان صوت الامام جميلا كلما كان له مفعول السحر على المأموم فتتفاعل حواسه مع كل حرف ينطقه ليصل إلى حالة من التدبر والمعايشة التخيلية لمضمون الآيات فترتسم في مخيلته نعيم الجنة وعذاب القبر وعصا موسى وقميص يوسف وسفينة نوح وجبروت فرعون وهرولة هاجر وميلاد عيسى وأقوام أطاعت الله فكتب لها النجاة وآخرى عصت والعياذ بالله فأبادها ، عندها يصل المأموم إلى حالة الخشوع التي تذهب عنه التيه والسرح وكل ما يشغل ذهنه أثناء الصلاة.
لكن هل عذوبة الصوت من بين الاشتراطات التي تضعها وزارة الأوقاف لشغل وظيفة "الإمام" بالبحث في إعلانات الوظائف التي نشرتها الوزارة مؤخرا لم أجد هذا البند مذكورا لا في شروط التقدم ولا في المهارات الفنية المطلوبة لشغل هذه الوظيفة ، بل أني توقفت أمام شرط توقعت أنه سيكون أساسيا في متطلبات التقدم لشغل وظيفة الإمام ولم أجده وهو شرط حفظ القرآن الكريم كاملا أو عدد من أجزائه ، وربما يكون هذا الشرط معيارا للمفاضلة بين المتقدمين عند اجراء المقابلة الشخصية ولذلك لم يدرج بالإعلان ، وبالبحث أيضا وجدت أن مهام وظيفة إمام المسجد لا تقتصر فقط على إمامة المصليين وإقامة الشعائر الدينية بل ايضا إلقاء الخطب والدروس والقوافل تنفيذاً لخطة الوزارة المعدة لنشر الدعوة الإسلامية كما أنه يشرف على كافة الأنشطة التي تؤدى بالمسجد أو ملحقاته ويشرف على جميع العاملين بالمسجد ومتابعة قيامهم بالمهام الموكلة إليهم .
ولعظمة هذه المهام وأهميتها، فقد يكون من المستحسن الاهتمام بمعيار الصوت عند تعيين الأئمة والأكثر استحسانا أن يكون لدى الوزارة مركزًا لتدريب وتأهيل النشء وإعداد المتميزين منهم لشغل هذه الوظيفة الجليلة في المستقبل، ولدينا الآلاف من حفظة القرآن الكريم في سن مبكر يعتلون المراتب الأولى في المسابقات العالمية لحفظ القرآن الكريم على مستوى العالم ومثل هؤلاء هم من سيحافظون على مكانة مصر المتقدمة على صعيد القراءة والتلاوة والتجويد وترطيب أذن المصلين والمستمعين .
إن نبرة الصوت وعذوبته تضيفان للإمام "ميزة" وللمسجد الذي يتولى امامته "جموعًا" خاصة في رمضان.