عماد فرغلي يكتب.. الأرملة العجوز
لم أر في حياتي مياه بحر بمثل هذا الصفاء الذي رأيته في مياه بحر مرسى مطروح، تلك المدينة المصرية الساحلية صاحبة التاريخ العريق التي استخدمها المصريون القدماء للصيد وأصبحت في عهد الرومان ميناءً هامًّا للتجارة وتصدير السلع والمحاصيل إلى روما، وفي الحرب العالمية الثانية كانت حصنا عسكريا للانجليز.
كنت متشوقا لزيارتها بعدما قرأت عنها كثيرا وللأسف لم تتح لي تلك الفرصةً الا بالأمس فقط في زيارة عمل خاطفة لا تتجاوز السويعات، كنت على دراية مسبقا بأنها مقصد المصريين ومصيفهم المفضل لتهاود الأسعار فيها لكن الصورة المرسومة في ذهني عنها اختلفت تماما بعد هذه الزيارة، وجدت مدينة عشوائية تفتقد الى كل عناصر الجذب السياحي وكأنها لم تمتد اليها ايادي التطوير منذ نشأتها حتى الآن، شوارع ضيقة، منازل قديمة متهالكة وعمارات حديثة البناء عتيقة التصميم، مطاعم ومقاه وبقالات شعبية غير مرتبة، محطات وقود تقليدية، شواطئ مهملة تتوارى خلف بنايات مشوهة، أضف الى ذلك أسعار سلع غير رخيصة تماثل نظيرتها في القاهرة والاسكندرية والمحافظات الأخرى في مصر.
أكثر ما لفت نظري ونال اعجابي في مدينة مرسى مطروح طيبة أهلها وكرمهم وصدقهم وعفويتهم، ومياه بحرها ذا اللون الأزرق الفاتح والغامق والسماوي واللبني وبينهم الأبيض الشفاف.
مدينة كتلك المدينة وبحر كذاك البحر وشعب كهذا الشعب لا يستحقون منا كل هذا الاهمال فكل المدن الساحلية التي تسمى شعبية في مصر تطورت وتحسنت خدماتها فتضاعفت أعداد روادها وزائروها وانتعشت خزائنها وارتفعت مستويات معيشة سكانها ، فهل مطروح لا تستحق العناية؟.
انها تستحق العناية ويمكن أن تلعب دورا مهما في دعم الاقتصاد الوطني وتكون أحد مصادره، فثراواتها الطبيعية المتمثلة في البحر والموقع وخصوبة الأرض والناس الطيبة تؤهلها بأن تصبح عروس السواحل.
لا تتركوا مطروح هكذا، حافظوا على هويتها الشعبية واجعلوها كما هي مقصدا للطبقات البسيطة والمتوسطة وخصصوا مساحات منها للطبقات الأعلى دخلا وللسياحة العربية والأجنبية.. شيدوا فيها الأبراج والمولات، ادخلوا فيها المطاعم والكافيهات الشهيرة وبيوت الأزياء العالمية والبراندات، جملوا مداخل المدينة وميادينها ومخارجها، مهدوا الطرق وزينوا الشوارع وازرعوا النباتات.. استثمروا فيها.
اضيئوا مطروح ولا تتركوها مظلمة كالأرملة العجوز.