عماد فرغلي يكتب: ملف الضيوف
تحتضن مصر ما يزيد عن تسعة ملايين ضيف ما بين لاجئ ومهاجر ودارس ومقيم ينتمون لـ 133 دولة يشكلون حوالي 9 في المائة من عدد السكان ، يعيشون بيننا في منازل مثل منازلنا يتحركون ويتنقلون بلا قيود ، يدرسون ويتعلمون دون تمييز ، يعملون ويستثمرون بلا اضطهاد ، يستأجرون ويتملكون دون تفريق حتى اللاجئين والمهاجرين منهم هم أيضاً ضيوفنا يتمتعون بنفس المزايا لا معسكرات ولا مخيمات لا أسوار ولا أسلاك يجوبون ربوع الوطن من غير عائق ولا مانع أو صعوبات .
إن مصر وعبر الأزمان هي بلد الخير والأمن والأمان وتاريخها يشهد على ذلك فقبل أكثر من ألفي عام تشرفت أم الدنيا باستقبال السيدة مريم العذراء ومولودها عيسى عليه السلام بعد خروجهما من بيت لحم هربا من بطش الملك هيرودس الذي امر بقتل جميع الاطفال الذين لم يبلغوا العامين خوفاً من أن يزاحمه المسيح في المُلك . ومن نحو ستمائة عام لجأ إليها عدد كبير من الشركس بسبب الحروب ومن بعدهم لجأ إليها عدة آلاف من الأرمن لنفس السبب كما استقبلت أيضا عدد كبير من النازحين من روسيا واوكرانيا بعد قيام الثورة البلشفية ، وتوالت من بعد ذلك الهجرة إلى مصر من كل الدول العربية الشقيقة بحثا عن الرزق ويقال ان حوالي 75 قبيلة من القبائل العربية الشهيرة لها امتداد في مصر حتى اليوم .
تلك هي طبائعنا التي نعتز بها ولا نحيد عنها وكل من وطأت قدماه أرض مصر هو ضيف عزيز علينا أما اشقائنا من العرب فهم أهلنا وأصحاب دار ، ولكن مع اتساع دائرة الصراعات في الدول الشقيقة وتزايد عدد النازحين منها لبلدهم الثاني مصر فمن البديهي أن يكون هناك ضوابط وقواعد تنظم أوضاعهم داخل البلاد كما هو معمول به في جميع دول العالم وخاصة دول الخليج الشقيقة التي وضعت معايير دقيقة لاستقبال مواطني الدول الأخرى على أراضيها وكل من تنطبق عليه تلك المعايير فهو مرحب به على أن يتعهد ،كتابة، بخضوعه لقوانين الدولة واحترامه لعاداتها وتقاليدها ومن يخالف ذلك يحاسب ثم يرحل .
ومن دون ذكر جنسية فقد حدث مؤخراً تجاوزات يجب التوقف عندها والا تمر مرور الكرام ، فمشهد الرقص الجماعي في أحد الأحياء الشعبية المزدحمة بالسكان احتفالا بالعيد ، وإن كان لا بأس به ، إلا أن استخدام السلاح الأبيض وبكثرة في هذا الاحتفاء انما هو مناف للأعراف ومخالف للقوانين.
وتجاوز من نوع آخر لكنه ملاحظ ومتكرر وهو السكن الجماعي بالوحدات السكنية المؤجرة والتي يفاجئ مالكها بعدة أسر يقطنون نفس الوحدة التي بالكاد تكفي أسرة واحدة وإذا ما عاتب المستأجر تطاول عليه ، والنغمة السائدة على لسان بعض ابناء هذه الجالية هي "بقروشنا" وأفعل ما بدك !
أما ما يحدث على منصات التواصل الاجتماعي من بعض المقيمين في مصر فحدث ولاحرج ، تصوير وبث كل ما هو سيء أو مسيء ، نقد للأحوال المعيشية ، الاستهزاء بالقوانين ، سب المصريين والتطاول عليهم ، فهل يعقل أو يقبل ذلك ممن استضفناهم ؟
ملف الضيوف يجب أن يفتح من جديد .