السبت 19 أبريل 2025 09:39 صـ 20 شوال 1446هـ
أنا حوا

رئيس التحرير محمد الغيطي

المدير العام منى باروما

يحدث الآن
فنون وثقافة

السيناريست عماد النشار يكتب: لجنة صنع الله إبراهيم لمستقبل الدراما!

السيناريست عماد النشار
السيناريست عماد النشار

من سخرية القدر وربما من عبثه أيضًا أن يُعقد مؤتمر لمناقشة "مستقبل الدراما المصرية" تحت إشراف نفس اللجنة التي أدّت، بكل إتقان، دور البطولة في القضاء على ماضي هذه الدراما العريق وحاضرها الباهت. نحن لا نتحدث هنا عن استعارة أدبية، بل عن واقع حيّ يذكرنا مباشرة برواية اللجنة لصنع الله إبراهيم، ولكن بفارق جوهري: في الرواية كان العبث خياليًا ومحكمًا، أما في واقعنا فهو مرتجل، وقليل الحبكة، ورديء الإخراج.

نحن أمام نسخة واقعية من الرواية، مع فارق أن البطل بلا صوت، والمخرج نسي أن يُسدل الستار... أو أن الكاميرا تعمل أصلاً.

ولمن لم تسعفه القراءة بعد، فـ"اللجنة" رواية تدور حول شخصية غامضة تُستدعى إلى لجنة مجهولة، تخضعه لاستجوابات وأسئلة وتكليفات بلا تفسير ولا هدف واضح. البطل يتحول إلى مجرد ترس في آلة بيروقراطية عمياء، يُسأل دون أن يُفهَم، ويُكلَّف دون أن يُعلَّل. كل شيء في الرواية يحدث بلا شفافية، في عالم يحكمه منطق لا منطق له، حيث التهميش لا يأتي بالصوت العالي بل بالصمت الثقيل، وحيث فقدان الصوت لا يُشبه القمع المعتاد، بل يأتي على هيئة تآكل بطيء للهوية.
وما يدعو للتأمل أو الضحك، أو البكاء،هو أن هذه الرواية التي بدت يومًا ما كابوسًا أدبيًا متخيلًا، تحوّلت مع الزمن إلى مرآة نرى فيها وجوهنا الحقيقية، ومؤسساتنا، ولجاننا. وكأن شخصًا ما قرأ الرواية واعتبرها دليل تشغيل، لا صرخة تحذير. اليوم، بينما يُعقد مؤتمر لمناقشة "مستقبل الدراما"، نشهد نسخة حيّة من "اللجنة" ولكن بأزياء رسمية وعناوين براقة وشعارات تطوير تُقال بلغة التسويق لا بلغة الفن.
المفارقة أن هذا المؤتمر يأتي في وقت يعيش فيه المشهد الدرامي واحدة من أسوأ حالاته، تراجع فني، جفاف فكري، وانفصال شبه تام عن الجمهور. الدراما التي كانت يومًا لسان حال المجتمع، أضحت في معظمها شاشة باهتة تعكس مصالح المنتجين أكثر مما تعكس نبض الشارع، هيمنة تجارية، احتكار للقرار، وتغليب التريند على النص... باختصار دراما بلا دراما.
ولأن العبث لا يكتمل دون "التاتش" الذي نتفوق به ، فإن القائمين على هذا المؤتمر هم بشهادة المتابعين من الأسماء التي أسهمت في تدهور الدراما، سواء بالفعل المباشر أو بالصمت الراضي، والمفارقة الأكبر أن أغلبهم لا يُعرف لهم إنجاز درامي يُعتد به، ولا يظهرون في قوائم صُنّاع الدراما لا كمبدعين ولا حتى كمتفرجين نُقّاد، يبدو أن اختيارهم تم من باب "العلاقات العامة" أكثر من كونه عن جدارة أو كفاءة. باختصار، لجنة لا تُنتج دراما، ولا تتابعها، لكنها تضع لها خارطة طريق!
وفي مشهد يبدو أنه مقتبس حرفيًا من الرواية، جرى استبعاد نقابتي المهن التمثيلية والسينمائية من المؤتمر، وهما الجهتان الشرعيتان اللتان تضمان بين أعضائهما أبرز مَن صاغوا وجدان الجمهور. بدلاً من الاستماع إلى أهل المهنة، تم تشكيل لجنة بديلة تتحدث باسمهم دون إذن، وتخطط لمستقبلهم دون دعوة، وتقرّر عنهم دون حتى أن تمثّلهم، لجنة تُشبه تلك التي في الرواية، لا نعرف من اختارها، ولا لماذا، ولا إلى أين تمضي.
وقد فجّر هذا الاستبعاد ردود أفعال غاضبة، أبرزها ما عبّر عنه الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، الذي وصف القرار بأنه إهانة للدراما وتاريخها، وتنكّر لجهود المبدعين الحقيقيين. بدلًا من الانفتاح على الحوار، كرّرت اللجنة نفس السياسات التي صنعت الأزمة، الإقصاء، التهميش، ومكافأة الولاء على حساب الكفاءة.
وتبدأ الأسئلة في التناسل الغير شرعي ، كيف يُناقش مؤتمر "مستقبل" الدراما وهو يُقصي ممثلي ماضيها وحاضرها؟ كيف نثق بتوصيات لجنة هي، في الأساس، جزء من المشكلة؟ ومن يملك الحق أصلًا في أن يتحدث باسم دراما لا يعرف لغتها، ولا يتقن أدواتها؟
في رواية "اللجنة"، ينتهي البطل بفقدان صوته تمامًا، لا لأنه أخطأ، بل لأنه لم يتماهَ مع التعليمات وينصاع لها،هذا هو المصير ذاته الذي يُراد فرضه اليوم على النقابات المهنية، تحت شعار "التطوير" ذلك المصطلح الوديع الذي يخفي وراءه إعادة إنتاج الأزمة، بنفس الوجوه، بنفس الأهداف، بنفس النتائج.

لقد آن الأوان لكسر هذه الدائرة المفرغة، وإعادة الاعتبار لأهل المهنة، وفتح باب الحوار الحقيقي لا المسرحي. فالمستقبل لا يُبنى بلجان مغلقة على نفسها، ولا بمؤتمرات معدّة مسبقًا كديكور علاقات عامة،إنما يُصنع بتنوع الآراء، وصدق النوايا، والشجاعة في الاعتراف بالخلل.

الدراما المصرية اليوم لا تحتاج مؤتمرًا للترويج، بل ثورة فكرية تُعيد لها بريقها، وتحترم جمهورها، وتُعيد فتح الأبواب أمام مبدعيها الحقيقيين. ولعل أول خطوة في هذا الطريق، أن نُسقط الأقنعة عن "اللجان" التي تدّعي الإصلاح، وهي في حقيقتها العنوان الرسمي للعبث الذي صرخ منه صنع الله إبراهيم مبكرًا.
وربما، فقط ربما، آن الأوان أن نستبدل لجان الصمت بلجان الحوار، وأن نقرأ الروايات لا لنحوّلها إلى سيناريوهات عبثية، بل لنتفادى المصائر التي حذّرتنا منها.

السيناريست عماد النشار نسخة واقعية من الرواية آلة بيروقراطية

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,520 شراء 3,543
عيار 22 بيع 3,227 شراء 3,248
عيار 21 بيع 3,080 شراء 3,100
عيار 18 بيع 2,640 شراء 2,657
الاونصة بيع 109,472 شراء 110,183
الجنيه الذهب بيع 24,640 شراء 24,800
الكيلو بيع 3,520,000 شراء 3,542,857
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

السبت 09:39 صـ
20 شوال 1446 هـ 19 أبريل 2025 م
مصر
الفجر 03:52
الشروق 05:24
الظهر 11:54
العصر 15:30
المغرب 18:24
العشاء 19:46