هالة فهمي تكتب.. فنجان دانتيل.. ونجاح جديد لأميرة!


في ليلة شتوية دافئة دفء القلوب التي شاركت في ذلك اليوم الاستثنائي وتحت عنوان "الصحة النفسية في زمن الأزمات" شرفت بالمشاركة في مبادرة (فنجان دانتيل) تلك المبادرة التي بدأت منذ مارس 2021 والفكرة التي بدت مستوحاة من التجمعات النسوية والفضفضة حول فنجان قهوة أو شاي والتي دأبت عليها هوانم العصور الماضية للخروج من شرنقات الألم والأزمات النفسية.. ورغم ذلك فتلك هي المبادرة النسائية الأولى لتلك الفكرة التي أعرفها.
ولأن الجلسات نسائية خالصة ولأن المرأة المثقفة والفنانة تشبه خيوط نسيج الدانتيل شفافية ورقة وقوة في آن أختارت أميرة مجاهد أيقونة الثقافة وأخصلئي العلاج بالفن هذا الاسم للتجمع الذي لا يشبه التجمعات النسائية الأخرى.. فهن لن يجتمعن بالطبع للطم الخدود وألقاء اللوم على الزمن وإنما ليكسرن القيود وينشرن الأمل فرؤيتهن للفكرة هي صحة المرأة النفسية والاستشفاء بالفن.. عن طريق الكلمة والنغمة والريشة من خلال اللقاءات شهرية أو النصف شهرية باستضافة متخصصات في كل المجالات النفسية الطبية أو الفنية.
هن وردات من الدانتيل تشكل صحبة جميلة وباقة ساحرة لتجربة فريدة لجأت إليها الباحثة المثقفة أميرة مجاهد وكل وردات صحبة فنجان دانتيل.. وقد نتج عن هذه اللقاءات ورش عمل قيمة مثل ورشة "قابل الفنان اللي جواك" للموسيقى والغناء.. وورشة "كراكيب أفكار" كتابة إبداعية علاجية.. وورشة "فضفضة الورد" للسيكودراما.. وورشة "ألوان السما السبعة" للرسم.. وورشة "شخاليل دانتيل" لتصنيع الإكسسوار.. وورشة "الفسيفساء والتشكيل الفني.
نجحت مجموعة (فنجان دانتيل) في خلق حالة ثقافية فنية للعلاج بالفن.. وهو نمط من أنواع العلاج النفسي المساعد يجمع بين العلاج الطبي الأكاديمي وبين أثر الفن وجمالياته على الإنسان وقد أنتشر هذا الشكل من أشكال العلاج النفسي مؤخرًا بعيدًا عن العقاقير وغيرها في عودة لاستخدام الموسيقى والكتابة والرسم وغيرهم من فنون تحسن الصحة المزاجية والنفسية والعقلية للإنسان ويساعده على أن يتكيف مع مجتمعه متخففا من الضغوط وربما لجأت الدول المتقدمة في استخدام الفنون لعلاج النباتات والحيوانات أيضًا لما لها من تأثير مباشر وسريع على الصحة النفسية لجميع المخلوقات الطبيعية.
وفي أحدث اللقاءات والتي تحدت المناخ الجوي والنفسي.. الجوي وهو تقلب المناخ بين النوات والأمطار الشديدة بالإسكندرية والنفسي ما يحدث في غزة وتلك الحرب القاسية التي يمر بها إخواننا وجيراننا ومحاولة الإبادة الجماعية لهم.. وبعد أن قامت مجموعة فنجان دانتيل بتأجيل اللقاء لشهور تقديرًا واحترامًا لحالة الحزن.. إلا أنهم فكروا حتى وصلوا لقناعة أن الحرب وآثارها المدمرة على نفسية المواطن الفلسطيني والمصري كبيرة ومن هنا جاء اختيار موضوع يواكب الأحداث ويدعم الأشقاء من المأزومين في فلسطين أو مصر أو بقية دولنا العربية وهو: "الصحة النفسية في زمن الأزمات" وقد تناول اللقاء برنامجًا متميزًا تم اعداده كرسالة دعم لشعب غزة الأبي الصامد والحديث عن مظاهر صمودهم والتي قدمت لنا وللعالم كله الدرس الحقيقي النابع من الأزمة ذاتها.
في تلك الليلة الاستثناء كان الحديث عن كيفية تقديم الدعم النفسي بين الشعوب التي تمر بأزمات والوسائل المطروحة، ودور العلاج بالفن خلال حرب غزة من هذا الدعم وفقا لمبادرة اليونيسيف "من بيت لبيت" والعديد من التطبيقات المعنية بالعلاج بالفن عن بُعد دعمًا للأسر المنكوبة ومتحدي الإعاقة ممن فقدوا أطرافهم خلال الحرب على غزة.
إلى جانب الحديث عن مفهوم الضغط النفسي وأعراضه الناتجة عن محاصرة الموت لأهل غزة ومحاصرة الأخبار والمتابعة لنا هنا.. ورأي علماء النفس في الخطوات الكاملة للتخلص من الضغط النفسي في زمن الأزمات.. وبعد تفاعل من المشاركات وعصف ذهني رائع لوسائل التخلص من الأزمات النفسية والصمود.. لوردات المبادرة وهن هدى عرفة، هدى أبوزيد، د. هبة شعوط، د.مروة زيدان، د. أماني رجب، د. منى عصام، د. مروة فرج، ثم جاء دور العلاج.
فقدمت الفنانة التشكيلية منة الله أبو الفتوح جلسة الاستشفاء بالرسم من خلال لوحة فنية مؤثرة عبرت عن غزة ودولة فلسطين الأمل وقد شارك في وضع لمساتها الأخيرة الحضور من المشاركات وردات الدانتيل سواء بالمشاركة برسم بعض الرتوش أو كتابة رسائل الدعم على اللوحة لشعب فلسطين الأبي.
واختتم اللقاء بجلسة الاستشفاء الطربي مع الفنانة المبدعة أمنية عبده، وباقة متنوعة من الأغاني الفلكلورية والحماسية المتنوعة شارك فيها وردات فنجان دانتيل.. بمصاحبة عازفة الإيقاع الفنانة شهد محمد، وعازفة الفلوت الفنانة د. شيماء عبدالحميد محمود مدرس مادة الفلوت بكلية التربية النوعية، وقد غنت الطفلة الموهوبة وأصغر وردة في المجموعة لوسيندا خالد كامل والتيلم تتجاوز السبع سنوات.
إن تجربة دعم المرأة نفسيًا من خلال الاستشفاء بالفن دعوة وربما صرخة لعودة القوة الناعمة لدورها بشرط أن يكون فنًا وليس ما يطرح على ساحتنا العربية من هراء يستبيحون قدسيته ويطلقون عليه فنون.
تلك المبادرة وغيرها من مقاومة تؤكد أن مصر ستظل ولادة للأفكار وللإبداع رغم أنف من يحاربون ذلك ويرغبون في وئد كل ما ملكته مصر من تأثير على الشعوب العربية وقبل ذلك العالم كله.. وليس غريبًا أن تأتي المبادرة من الإسكندرية التي كانت منارة العلم والثقافة منذ فجر التاريخ ومنذ وجدت الإسكندرية.. وها هي ذي بنت من بنات ماريا ذات التراب الزعفران وهى أميرة مجاهد وفريق عملها الرائع وعلى رأسهن ماجي أحمد وإنچي عطية ومبادرة ليؤكدن أن "فنجان دانتيل" ليست تجربة وحيدة.. فأميرة أسست من قبل "منصة القهوة البحرية" كأول تجربة للنشاط الثقافي على شبكات التواصل الاجتماعي وبدأت في زمن الكورونا والعزلة فكانت التجربة جديدة ورائدة.. وهى أيضًا صاحبة مبادرة الإسكندرية تقرأ النشاط الذي خرج مدويًا خارج حدود مصر لتشاركنا دولة تونس الفكرة وترحب بأميرة عبر اذاعتها الوطنية.
أيضًا قدمت أميرة نشاط صالون الأوبرا الثقافي بالإسكندرية في فترة من أزهى فتراته.. فجميل أن يكون هناك من يؤمن بمشروع ثقافي ويسعى لتنفيذه خاصة عندما يكون مشروعًا مستنيرًا.
ليت وزارة الثقافة في مصر تستفيد به وبكل الكفاءات التي تشبه صاحبة فنجان دانتيل هي وكل الزهرات والزهور التي تملأ مصر فأرجوكم أدعمهم ولا تتركوهم للذبول، وإلى لقاء وإضاءة أخرى.