محمود حسن يكتب.. ظاهرة التوكتوك فوضى حكومية
أنا حوالا يمكن تصور أن هناك حكومة ناضجة تعجز أمام حل مشكلة أيا كان حجمها، مثل ظاهرة انتشار ما يسمى بـ"التوكتوك" خاصة أنه انتشر انتشار الوباء، وفتحت له أبواب الاستيراد على مصرعيها وتركته يستفحل إلى أن صبح أمر واقع مرير، ومصدر دخل لشريحة عريضة تتكاثر كل يوم وسيصعب مواجهتها وتغير مسار حياتها، وأغلبهم من الأطفال دون العاشرة و"صبيان" الصنايعية وعمال طائفة المعمار وأبناء المزارعين، مما كاد أن يقضي على معظم هذه المهن الهامة.
كما لا يمكن تصور أن هناك حكومة عاقلة تترك مركبة ذات ثلاثة إطارات تسعى في الأرض فسادًا دون رقابة أو ترخيص أو لوحة معدنية تثبت هوية تلك المركبة الدودية التى تسعى بين أرجل الناس في الشوارع فتصدم من تشاء من الناس والسيارات وتقتل من تشاء من البشر وتخطف الأطفال وتغتصب النساء ثم يتواري ويتبخر ويختلط بين غيره من آلاف "التكاتك" أمثاله ولا يمكن التعرف عليه بعد نصف دقيقة من إرتكابه للجريمة.
إن ظاهرة "التوكتوك" من أخطر الظواهر التي أصابت المجتمع منذ ما يقرب من عشرين عامًا وهي تدمر في المجتمع بلا رادع ولا قانون يحمي الناس من أفعالهم الشنيعة، لأن ضررها يفوق نفعها بمئات الأضعاف، ولكم ان تتخيلوا شاب طائش جاهل غير مدرب لا يحمل رخصة قيادة يعتلي مركبة لا تحمل اي هوية تميزها يتوغل بين الأزقة والحواري والطرقات والزراعات والشوارع، ماذا يمكن ان يفعل هذا الشخص وهو يعلم أنه غير مراقب ويصعب التعرف عليه إذا ما ارتكب أي جريمة وإن النفس لأمارة بالسوء.
اقرأ أيضاً
- محمود حسن يكتب.. بطرس المشلح.. ورسول الإسلام
- محمود حسن يكتب: ظاهرة الطلاق.. الأسباب - النتائج - الحل
- محمود حسن يكتب: السكن المؤقت.. والتمزق الإجتماعي
- الغيطي يلطم علي الهواء ويخرج عن شعوره بسبب التوكتوك.. شاهد التفاصيل
- محمود حسن يكتب.. مجرد تشابه أسماء
- محمود حسن يكتب : جنود لم تروها
- محمود حسن يكتب: الثروة البشرية المحور والغاية
- محمود حسن يكتب.. القبة الحديدية والعالم الإفتراضي
- محمود حسن يكتب.. «الماء بدل الدماء»
- نائبة بالبرلمان: 90 مليار جنيه حجم الاقتصاد غير الرسمي لـ ”التوكتوك“
- محمود حسن يكتب.. «العرب في وضع الجنين»
- محمود حسن.. يكتب المرأة.. بتوقيع رجل
والسؤال هل هناك جهة تمكنت من حصر عدد الجرائم التي ارتكبها هذا الكائن الضار على مدار عشرون عامًا؟، وكيف عجزت الحكومة عن السيطرة على تلك الظاهرة أو تقنين اوضاعها بشكل قانوني يضبط تصرفات قائدها ومالكها؟، يا سادة الدراجة البخارية ذات الإطارين يصدر لها ترخيص من وحدة المرور وبها لوحات معدنية وقائدها يحمل رخصة قيادة، فكيف لمركبة ثلاثية الإطارات تسير بلا "ظابط ولا رابط" أي عقل أو منطق في هذا؟.
الأمر جد خطير ويدعو للدهشة بل والشك والتساؤل، ترى من وراء انتشار تلك الظاهرة؟ وهل هناك مستفيد من وجودها على هذا الحال القميئ؟.
إن ظاهرة "التوكتوك" ظاهرة إنحدار إداري وإنحلال أخلاقي وتخلف حضاري، كما تنم عن تدني الأداء الحكومي، وكل هذا لا يتناسب مطلقًا مع عظمة مصر سواء في الماضي أو في الحاضر، فكيف لمصر وهي تستقبل عصر جديد من الرقي والتقدم ان تكون بها مثل هذه الظاهرة المخجلة، وكيف لمصر وهي تتطلع إلى جمهورية جديدة وينتشر بين ضلوعها هذا السرطان نشط الإنتشار!، وكيف لمصر وهى تلحق بركب الرقمنة والحوكمة وعالم "الهاي تك" ان تصل إلى أهدافها وفي قلبها هذا الورم الخبيث؟.
يا سادة وجود التوكتوك على هذا الحال ينذر بوقوع كارثة إجتماعية محققة لانه من اهم وسائل إرتكاب معظم الجرائم التقليدية والمستحدثة بمعرفته، وساهمت في ترويج وتسهيل بيع المخدرات وخلافة، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، والساكت عن "التوكتوك" بدون ترخيص فهو مجرم نفعي مغرض أو حمار كبير.. مع الإعتذار للحمير.