محمود حسن يكتب.. القبة الحديدية والعالم الإفتراضي
حينما كانت الحروب تقليدية عكفت الدول على إختراع حوائط للصد، وتفننت في إيجاد مضادات للصواريخ والمدفعية والطيران إلى أن توصلوا إلى إختراع القبة الحديدية، وهي غطاء بتقنية علمية وعسكرية معينة لصد أي هجوم صاروخي يحاول إختراق الحدود.
إلا أن السلاح الذي بين أيدينا الآن وهو ما يسمى "السوشيال ميديا" أو العالم الإفتراضي والذي أصبح عالمًا موازيًا لعالم الواقع بل تفوق على الواقع وابتلعه وأمتزج فيه بشكل عجيب، والذي لم ولن تتمكن اي دولة من صناعة قبة حديدية ولا فولاذية لصد هجومه أو التصدي لعدوانه المارد لأنها حرب من نوع خبيث جدًا لا يفطن إليها إلا أولوا الألباب.
اقرأ أيضاً
- محمود حسن يكتب.. «الماء بدل الدماء»
- محمود حسن يكتب.. «العرب في وضع الجنين»
- محمود حسن.. يكتب المرأة.. بتوقيع رجل
- محمود حسن يكتب: المرأة.. بتوقيع رجل
- محمود حسن يكتب : " الكلمة " جنة أم نار ؟
- محمود حسن يكتب : " الكلمة " جنة أم نار ؟
- محمود حسن يكتب: واشنطن عاصمة إسرائيل
- محمود حسن ..يكتب: أنا إبن الذبيحين
- الإعلامي محمود حسن يكتب: لسنا على قدر الحدث
- محمود حسن يكتب..تحسبهم أغنياء
- محمود حسن يكتب .. التعليم والفطرة
- محمود حسن يكتب : انس + انس = انسان
لقد تمكن هذا الفيروس من التفاعل والإندماج في الهواء فأصبح أحد مكوناته ونجح في استقطاب كافة المستويات من الناس فتحول مساره وخرج من دائرة النفع التي يجب أن يكون عليها وبات من النادر جدًا من يستثمر هذا العلم المذهل بشكل إيجابي مفيد فلسنا ضد التقدم العلمي ولكن العلم يمسي قاتلًا ومدمرًا إذا ما وقع في أيدي الجهلاء الغير مؤهلين لتوجيه هذا العلم الرفيع نحو الطريق الصحيح.
لقد أسيء استخدام الانترنت بوسائل إتصاله وتواصله المختلفة بشكل مهلك ' ونجح من خططوا لإستغلاله - في تدمير مجتمعاتنا - نجاحًا مبهرًا وحققنا لهم من النتائج فوق ما كانوا يتوقعون، فها هو التمزق الإجتماعي تحقق وهاهي العلاقات الافتراضية المشبوهة انتشرت، وهاهي الأسرار تفشت، وهاهي الفضائح عمت، وهاهي الأسرة تفتتت وأصبح لكل فرد عالمه الآخر، وأصبح كل منهم بعيدًا كل البعد عن أهله وأخوته.
أما عن الألعاب فحدث وأطل الحديث وأطربنا بل وأسفاه وحزناه على ما آل إليه حال الشباب جراء تلك الألعاب التي أدمنوها كأشد وأخطر أنواع المخدرات، لقد تغيبت عقولهم، واضمحلت ثقافتهم، وراحوا في عزلة تامة عن الواقع، باعوا من أجل تلك الألعاب أبويهم ومستقبلهم ووقتهم وراحة أجسامهم، أهملوا التعليم والأكل والنوم وتجاهلوا كل من حولهم وظلوا عاكفين عليها أكثر من عشرة ساعات يوميًا، ومنهم من وصل إلى حالة العزلة أو التوحد أو الإكتئاب ومنهم من إنتحر أو فكر في الإنتحار بسبب تلك الألعاب المسمومة، لقد تمكنت تلك القوى العدوانية الخبيثة من إختراق هؤلاء الشباب والسيطرة عليهم تمامًا واقتيادهم وتحويلهم إلى هيأكل هلامية.
أما عن باقي الأشكال والأصناف والأنواع من العائلة الإفتراضية الخبيثة مثل "التيك توك وانستجرام واليوتيوب والفيسبوك"، ومواقع المشاهدات المختلفة فقد خلفت جيلًا جديدًا ينشر بذاءات وحماقات وجهالات مقززة وحقيرة، وأفرز مستويات مختلفة ومتخلفة من الجهلاء والسفلة ومنعدمي الضمير والأخلاق، كل ما يعنيهم نسبة المشاهدات وما يدر عليهم من مال سحت.
وأصبح لهذا المجال نجومه وأكابره واختلقوا لأنفسهم مسميات ومناصب مثل "يوتيوبر، إنفلوينسر، وبابليك فيجر، وبلوجر، وملك التريند" وما هي إلا أسماء سميتموها ما أنزل الله بها من سلطان، فتطالعنا فتاة شاذة تدعو للفاحشة ويتابعها الملايين، وأخرى ضالة مضلة تنسج من وحي خيالها قصص لزنا المحارم وخلافه وتدعي أنها واقعية وحدثت بالفعل ويتابعها الملايين، وأخرى تتفوه بأقذر الألفاظ الناجمة عن جهل منشأها وتلوث بيئتها ويتابعها الملايين، وهذا شاب صفيق اللسان مغيب الفكر ممول الهدف ينفث سموم التطرف والإرهاب في عقول الشباب ويشعل الرغبة في التخريب والكراهية للأوطان ويتابعه الملايين.
لقد وقعنا في شباك إخطبوط له ملايين الأذرع التي طوقت عقولنا قبل رقابنا، فالأمر يحتاج إلى قبة من نوع خاص وتدخل إستراتيجي سريع للغاية لإنقاذنا مما هو أخطر وأشد من الموت، فهل من مغيث؟؟.