غادة إسماعيل تكتب.. ما قبل السحور (٥)
بدأت مصر ثم بدأ التاريخ، ولذلك فكل اختراع أصله مصري، وأي مستحدث جذره مصري، رؤية رمضان بدأت من هنا، أما فانوسه وزينته ومدفعه وطقوسه وموائده واكلاته وحلوياته فقد ابتدعها المصريون وصارت على نهجهم سائر الأمم.
تسجيل القرآن الكريم
هناك مقولة تركية شهيرة تقول "القرآن الكريم نزل في مكة وكتب في اسطنبول وقُرئ في مصر".
لا أظن أن أحدًا أختلف في ذلك، واحقاقًا للحق فإني أدعو كل من يردد هذه المقولة أن يضيف عليها "وقُرئ وسجل في مصر " فالكل يعلم أن القاريء الشيخ محمود خليل الحصري رحمه الله هو أول من سجل المصحف الصوتي في العالم ورتله برواية حفص عن عاصم وذلك في عام 1961، ثم سجله برواية ورش عن نافع عام 1964 ثم برواية قالون والدوري عام 1968 وفي نفس العام سجل المصحف المعلم.
وشيخنا المصري الجليل والذي ولد في عام 1917 في مدينة طنطا بمحافظة الغربية يعد أحد أعلام الترتيل والتلاوة في العالم الإسلامي، وقد جاء اختياره لتسجيل القرآن الكريم بصوته في الإذاعة المصرية لعلمه ولحلاوة صوته ونطقه الصحيح، وبعدما ظهرت بعض النسخ المحرفة من المصحف في انحاء من العالم، ورغبة من بلد الأزهر الشريف والحكومة المصرية آنذاك أن يكون هناك نموذج صوتي لحفظ وتلاوة القرآن الكريم كما أنزله الله على نبينا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام لمنع اي عبث أو تلاعب أو تحريف، والجميل في الأمر أن شيخنا الحبيب رفض أن يتقاضى اي مقابل مادي عن تلك التسجيلات التي لا تقدر بثمن، فقد كتب في مظروف الإذاعة المخصص لكتابة الأجر: «لا أتقاضى أي مال على تسجيل كتاب الله».
ونتشرف نحن أبناء مصر بأن لنا السبق في ذلك ونفخر بما قام به كل قراء مصر الذين نشروا القرآن الكريم بأصواتهم في كافة بقاع العالم ونعتز بدور الازهر الشريف لتحفيظ القرآن الكريم وتنظيم المسابقات العالمية لحفظة كتاب الله وتكريمهم في أرض الكنانة، ولما لا، فقد نزل القرآن الكريم في مكة وكتب في إسطنبول وقُرئ وسجل في مصر.
وكل عام وأم الدنيا بخير، ويا رب لا ينقطع لها عادة.