غادة اسماعيل تكتب: ما قبل السحور (٤)
بدأت مصر ثم بدأ التاريخ ، ولذلك فكل إختراع أصله مصري ، وأي مستحدث جذره مصري ، رؤية رمضان بدأت من هنا ، أما فانوسه وزينته ومدفعه وطقوسه وموائده واكلاته وحلوياته فقد ابتدعها المصريون وصارت على نهجهم سائر الأمم .
المسحراتي
ظهر المسحراتي في مصر قبل ألف ومائتي عاما مضت وأول من قام بهذه المهمة هو والي مصر العباسي إسحاق بن عقبة حيث كان يطوف بنفسه معظم شوارع القاهرة سائرا على قدميه من مدينة الفسطاط الى جامع عمرو بن العاص لإيقاظ الناس لتناول طعام السحور، وفي عصر الدولة الفاطمية أمر الحاكم بأمر الله الناس أن يناموا مبكرا بعد صلاة التراويح، وكان الجنود يمرون على المنازل ويدقون أبوابها ليوقظوا المسلمين للسحور، حتي تم تعيين رجلا للقيام بتلك المهة، أطلفوا عليم اسم "المسحراتى"، كان يدق الأبواب بعصًا يحملها قائلاً: "يا أهل الله قوموا تسحروا" ، وكان ذلك قبل ألف سنة .
وفي عهد السلطان المملوكي، الظاهر بيبرس، تم احياء فكرة المسحراتي التي كادت أن تندثر فقام بتعيين صغار علماء الدين بالدق على أبواب البيوت لإيقاظ أهلها للسحور ثم استخدمت الطبلة بدلا من العصا واصبح المسحراتي يشدو ببعض الأناشيد بعد الدق على الطبلة وتطورت مهنة المسحراتي تدريجيا وبات لها الكثير من الأغاني الشعبية والتراثية ومن اهم هذه الاغنيات اغنية المسحراتي تأليف الشاعر فؤاد حداد وتلحين وغناء الراحل سيد درويش وتقول : اصحى يا نايم اصحى وحد الدايم.. وقول نويت بكره ان حييت.. الشهر صايم والفجر قايم.. اصحى يا نايم وحد الرزاق.. رمضان كريم"..
وكل عام وأم الدنيا بخير ، ويارب لا ينقطع لها عادة .