سامح عسكر يكتب: دراما رمضان والبلطجة والردح والعنف المجاني


بمناسبة الدعوة للنظر في الدراما المصرية ورفض (مسلسلات الجريمة والبلطجة)، توجد نظرية في علوم الاجتماع والنفس اسمها (التعلم الاجتماعي) Social Learning Theory.
ومختصرها أن الأفراد يميلون إلى تقليد ما يشاهدونه، سواء في الواقع أو في التلفزيون، فعندما تركز الدراما على الانحراف والبلطجة مثل ما يحدث في أعمال محمد سامي مثلا، يتأثر المشاهدون خاصة الشباب، وبالأخص العاطلون أو الذين يعانون من فوضى الاقتصاد والمرتبات أو يعانون من فوضى التعليم وأزمة التدين، مما يؤدي إلى زيادة في السلوكيات العدوانية أو المخالفة للقوانين.
والنتيجة: تقديم هذه الشخصيات المجرمة والمنحرفة كأبطال، مما يرسخ فكرة أن القوة الجسدية أو العنف والجرائم وسائل مقبولة لحل المشاكل.
انتشار ظاهرة السرسجة في المجتمع المصري، وهم بلطجية في سن صغيرة، لا يعرفون معنى الأدب والتهذيب، ويحلون مشكلاتهم بالسلاح الأبيض والعنف اللفظي، هو ترجمة لشيوع هذا النوع من الدراما بالأساس، والذي يعد الفنان (محمد رمضان) أشهر وأول من رسخ هذا الانحراف في الفن بأعمال من نفس المخرج أيضا.
الفيلسوف وعالم النفس الكندي "ألبرت باندورا" أشهر من فسر وشرح نظرية التعلم الاجتماعي، وطورها بنظرية أخرى اسمها (الإدراك الاجتماعي) Social Cognitive Theory.
ومختصر النظريتين أن التعلم الاجتماعي يعني أن المواطن يكتسب سلوكه من رؤية سلوك مواطنين آخرين سواء في الواقع أو التلفزيون، يعني هي (عدوى) لا يمكن التحكم فيها سوى بالتحكم في الأصل، وهذا يحدث بالقوانين والعقوبات لفرض العدالة والسلم المجتمعي، أو بتهذيب الدراما والسينما بتقديم بدائل سلمية وعادلة للعنف والجريمة، والدعوة للنظر في دراما الجريمة المصرية تدخل ضمن هذا الباب.
أما الإدراك الاجتماعي فهي ملاحظات علمية لطريقة اكتساب الفرد للمعرفة، وبسياق شرح التعلم الاجتماعي، فهي تعتني بطريقة اكتساب الفرد لمعرفة الجريمة والعنف، وكيفية تقليد المنحرفين والمجرمين، وتقديم الأدلة والحجج لذلك، واكتساب نفس رؤية المجرم للحياة، مما يؤدي في النهاية للتطبع بشخصيته، ثم نرى في النهاية ملايين المجرمين متشابهين في الطابع وطريقة التفكير.
طبعا توجد بدائل لفوضى الدراما الخاصة بالعنف والبلطجة بالفن المصري، وهي بدائل أهملت بفعل الغزو الديني المتشدد، مثل الدراما (الرومانسية والتاريخية والوثائقية) التي تعتني بالحضارات والتاريخ الإنساني، وكذلك تقديم الحب وأبطال الرومانسية كقدوة للشباب، مما يعيد صورة المواطن المحب مرة أخرى للشارع، بعد اختفاءه بفعل فاعل.