د. حياة عبدون تكتب.. انت سمعتك ايه؟
يُحكي أن "هدهد" و"غراب" قد تنازعا يومًا على حفرة ماء..
فأخذ كلٌّ منهما يدّعي بأنّ الحفرة له.. واختصما وبعد نزاع طويل، اتفقا على أن يحتكما إلى قاضي الطير.
فذهبا إليه وسردا عليه قصتهما، فطلب منهما البينة وقال "مَن يملك البينة ستكون الحفرة من نصيبه".
فنظرا إلى بعضهما والتزما الصمت..
وعندما طال صمتهما، علم القاضي بأنه لا أحد منهم يمتلك البينة!!
فكر القاضي، ثم حكم بالحفرة للهدهد!
فقال له الهدهد متعجّبًا: لمَ حكمتَ لي بالحفرة أيها القاضي ؟!
️
فرد القاضي قائلًا: لقد اشتهر عنك الصدقُ بين الناس، فيقولوا (أصدقُ من هدهد) !! لذلك حكمت لك.
سكت "الهدهد" للحظة، ثم قال: إن كان الأمرُ كما قلتَ، فإني والله لستُ ممن يُشتهَر بصفة ويفعل خلافها، هذه الحفرة ليست لي بل للغراب.. فسمعتي أفضلُ عندي من ألف حفرة!.
واهدهاه ..!! أين أنت الآن من ذلك الهدهد.!! هل فكرت يومًا مثله في سمعتك بين الناس؟.. هل طرحت على نفسك يومًا سؤالًا إجابته عندك وحدك.. يا تري كيف يراني الناس؟، ما هي سمعتي بينهم؟.
هل فكرت يومًا في سيرتك، تاريخك؟
هل فكرت يومًا أن بناء السمعة يحتاج إلى سنوات من المواقف الواضحة المحترمة والاختبارات، السلوك المشرف، المعاملات الطيبة، حسن الاخلاق؟.
هل تعلم أن سمعتك هي رأس مالك وهي من ستعيش أكـثر منك لأنها ستعيش بعدك.. فالإنسان ليس مخلدًا لكن سمعته و أعماله هي الخالدة.. وهي التي ستشفع له وتجعله يذكر بالخير بعد مماته.
تشبث بالسمعة الطيبة وحافظ عليها واجعلها تدافع عنك في حياتك وحتى بعد رحيلك.. لأنها كالزجاج إذا انكسرت صعب إصلاحها.
كُنْ كما قال الشاعر:
قد مات قومٌ وما ماتت شمائلهم.. وعاش قوم وهمْ في الناس أمواتُ.. فلا تعش ميتا ولا تمت حيا.. بل اعمل على أن تحيا ميتا.. فهي حياة بعد الموت..
كم من أناس عاشوا الخير حتي الآن على السمعة الطيبة للآباء والأجداد.. وكم عاني أبناء وأحفاد وذرية وأخوة وأخوات من حمل ثقيل من السمعة السيئة للآباء أو الأجداد.
اتقوا الله وحافظوا على السمعة والسيرة الطيبة لكم ولأولادكم.. ولا تكن مثل أغلب من حولنا الذين أصبحوا يهتمون بالثراء على حساب سمعتهم فاصبحوا لا يهتمون بسمعة طيبة يتركونها لأبناءهم بل كما ورثوا أكل الحرام فقد أورثوه لأولادهم!! أما صدمتي الكبرى اننا اصبحنا نقوم بتعظيم أصحاب السمعة المشبوهة والمعروفين اما بتجارة الحرام أو المخدرات أو الاثار أو اكل أموال الناس تحت اسم الجمعيات الخيرية و نبجلهم ؟!
أه يا بلد.. اللهم أخرجنا من هذه الأيام سالمين أمين يا رب العالمين