محمد سعيد يكتب.. دراما الغيطي التي أحيت الضاحك الباكي
تحل علينا اليوم ذكرى رحيل الضاحك الباكي نجيب الريحاني أحد أباطرة المسرح أبو الفنون، الذي لطالما ذُكرت كلمة مسرح لابد من أن تتذكره وتقف أمام مسيرته طويًلا، فبالرغم من رحيله منذ 74 عامًا إلا أنه لا يزال اسمه مثارًا للجدل بين مؤيد ومعارض لقصة حياته، ولعل من أشعل هذا الجدل مؤخرًا هو الإعلامي والسيناريست محمد الغيطي بعد ما قدمه للجمهور نهاية العام الماضي على هيئة حبكة درامية تحت مسمى الضاحك الباكي.
مسلسل الضاحك الباكي هو بمثابة حُلم طال انتظاره، على حد قول الغيطي في العديد من التصريحات التليفزيونية، حيث ظلت الأوراق حبيسة الأدراج سنوات طويلة ولكن ما إن جاءت الفرصة إلا وتشبث بها من أجل أن يرى الجمهور حُلمه الذي ظل يراوده كثيرًا، ولكن ما إن بدأت أولى حلقات المسلسل وبدأ القيل والقال وازدحم المشهد عبثًا بين الميلشيات الإلكترونية وهو ما أصابني بالحيرة والدهشة ووقفت حائرًا أمام سؤال لصالح من؟.
لم يمر على الحلقة الأولى سوى سُوَيعاتٍ، وانهالت الاتهامات والهجوم على شخص الغيطي وكأنه صاحب الليلة والمسئول الأوحد عن العمل، بالرغم من وجود عملاقة الدراما في فريق العمل وعلى رأسهم الأستاذ محمد فاضل المخرج الكبير، ولكن لم ترى الميلشيات سوى محمد الغيطي، الذي لا ولم ينضب قَط من قبل، وظل مدافعًا عن رأيه ومَكْنُونَته ولم يستسلم للضغوط كعادته فارسًا لا يعرف الانكسار أو الهزيمة ولكن يُعاب عليه.
يُعاب عليه أنه انحدر بمستواه وانزلق إلى ما هو لا يليق به كونه صاحب رسالة لا يعلم أحد عنها شيئًا بدليل أن لا أحد انتقد المسلسل نقدًا دراميًا، ولكن اعتمدوا في حديثهم على صيغة القطيع كحال الكثير من رواد السوشيال ميديا الذين استسلموا لثقافة الرويبضة التي نهشت عقولهم وحريتهم، وأصبحوا عبيدًا للمشاهدات والشو الإعلامي وأرادوا قتل الضاحك الباكي لأسباب ممولة.
يُعاب عليه أنه حاول احياء الضاحك الباكي عن طريق عمل درامي إبداعي واستثنائي في مجتمع يغلب عليه طابع الألماني وعبده موته وأخيرًا المعلم جعفر، يُعاب عليه أنه حدث الجميع من وجهة نظره وعقله الثقافي ولم يركب الأمواج ويُبحر مع قراصنة الإسفاف الذين تفشوا كالسرطان في بلد رسم أبنائها منذ آلاف السنين معالم الثقافة والحضارة على جدرانها وصدروها للعالم، يُعاب عليه أنه حاول لمّ شمل الأسرة المصرية أمام عمل فني من رائحة الزمن الجميل.
وللعلم، الدراما المصرية التي بدأت قوية ورائدة لم تقدم عملًا تاريخيًا أو سيرة ذاتية منذ أن قدم محمد الغيطي مسلسل أدهم الشرقاوي عام 2009، وبعد 13 عام قدم العالم العربي عشرات الأعمال، وغامر صناع الضاحك الباكي وقدموا للجيل الجديد هذا العمل الذي أثنت علية الجمعية التاريخية وأساتذة التاريخ واعتبروه إحياء للذاكرة الوطنية.