الضاحك الباكي
«أنا كده حظى كده».. في ذكرى رحيل كشكش بيه نجيب الريحاني
تحل اليوم الخميس، ذكرى رحيل الضاحك الباكي نجيب إلياس ريحانة الشهير باسم نجيب الريحاني الذى رحل عن عالمنا في 8 يونيو عام 1949 م، تاركًا رصيدًا فنيًا هامًا في أذهان محبيه وجمهوره في جميع أنحاء العالم.
نشأت نجيب الريحاني
ولد نجيب إلياس ريحانة الشهير باسم نجيب الريحاني في القاهرة لأم مصرية وأب عراقى، ونشأ فى عائلة ميسورة الحال لذلك تلقوا تعليمهم فى أرقى مدارس القاهرة، حيث التحق الريحانى بمدرسة الفرير الفرنسية وتأثر بأدب الفرنسى الساخر.
وبدأ التمثيل في سن مبكرة، حيث انضم إلى فريق التمثيل المدرسي واشتهر بقدرته على إلقاء الشعر العربي، عمل الريحاني بالبنك الزراعي وتعرف من خلاله على عزيز عيد ليعمل معه في التمثيل، وتسبب ذلك في تغيبه المستمر عن العمل بالبنك الزراعي حتى فصل منه، وعمل بعد ذلك بشركة السكر بنجع حمادى، وهى الوظيفة التى أثرت بشكل مباشر على أعماله السينمائية والمسرحية فيما بعد، حيث ظهر فى عدد من الأعمال بهيئة الموظف الفقير حال معظم المواطنين فى ذلك الوقت، ليكتسب لقب "الضاحك الباكى".
وفى عام 1916 فوجئ بأحد الأشخاص يجلس إلى جانبه فى تياترو «برنتانيا» وفى يده عصا ذهبية وخاتم وعلب من السجائر الفاخرة ليجده استيفان روستى، زميله فى رحلة البدايات والشقاء، والذى أوضح له بعد ذلك أنه وجد عملًا يتقاضى عليه 60 قرشا كل ليلة من خلال ملهى ليلى باسم «أبيه دى روز»، وأنه يؤدى حركات هزلية خلف ستار باسم «خيال ظل»، ورغم هذا لم يتفق مع قناعات «الريحانى»، إلا أنه طلب أن يعمل معه حتى جسد دور «خادم» ليقرر الخواجة أن يكون مرتبه 40 قرشا.
أسس فرقة نجيب الريحاني التي استقطب فيها عمالقة التمثيل، وخلال مشواره في المسرح قدم ما يقرب من ثلاث وثلاثين مسرحية منها "مسرحية الجنيه المصرى عام 1931، الدنيا لما تضحك عام 1934، الستات ما يعرفوش يكدبوا، حكم قراقوش عام 1936، الدلوعة عام 1939، حكاية كل يوم، الرجالة مايعرفوش يكدبوا، إلا خمسة عام 1943، حسن ومرقص وكوهين عام 1945، تعاليلى يا بطة، بكرة في المشمش، كشكش بك في باريس، وصية كشكش بك، خللى بالك من إبليس عام 1916، ريا وسكينة عام 1921، كشكش بيه وشيخ الغفر زعرب، آه من النسوان".
قرر نجيب الريحاني عام 1946 أن يعتزل المسرح ليتفرغ للسينما ليبدأ مرحلة جديدة من الانتشار الواسع جماهيريًا، وبرغم أن رصيده في السينما لم يتجاوز عدد أصابع اليدين إلا قليلًا، إلا أنه استطاع من خلال الأدوار التي قدمها أن يترك بصمة خالدة في ذاكرة السينما المصرية، حيث قدم 10 أفلام، منها: «صاحب السعادة كشكش بيه»، و«سلامة فى خير»، و«أبوحلموس»، و«لعبة الست»، و«سى عمر»، و«غزل البنات»، و«أحمر شفايف».
زواج نجيب الريحاني
التقى «الريحانى» بالراقصة اللبنانية بديعة مصابنى، والتى كانت تعمل فى إحدى الفرق التمثيلية، واصطحبها إلى مصر وتزوجا وسافرا مع فرقتهما إلى أمريكا الجنوبية لتقديم عدد من العروض المسرحية، وافتتحت «كازينو بديعة»، وأسست فرقتها المسرحية والتى تحمل اسمها، ولكن لم تدم العلاقة بينهما على وفاق، واشتد الخلاف بينهما مما جعلها تطلب الطلاق. كما تزوج الريحانى أيضًا من نجمة الاستعراضات بفرقته، لوسى دى فرناى، الفرنسية من أصل ألمانى.
بعد أن وصل إلى نجع حمادى رجل أجنبى، وكان يعمل منوما مغناطيسيا، ومعه زوجته الفرنسية، والتى تتمكن من قراءة الكف، اشترى تذكرة «لوترى» قام المُنوم المغناطيسى بتوزيعها بعشرين مليما، بينها تذكرة واحدة هى الفائزة، والذى يحصدها تقرأ له زوجته الكف وتطلعه على أسراره ومستقبله، ليشترى تذكرة.
ولكن يشاء القدر أن يفوز بها زميله فى العمل عبد الكريم أفندى صدقى، ولحكمة يعلمها الله صدر له أمر بالسفر فى مأمورية عمل ليعطى «الريحانى» التذكرة الفائزة ليستفيد هو منها ويذهب إلى قارئة الكف، وقال عنها فى مذكراته إن هذه السيدة أخبرته بأشياء حدثت له فى الماضى، وحكت له ظروفا خاصة مما جعله فى ذهول لأمره.
كما تنبأت بمستقبله، والتى يقسم بأنه اجتاز من أدوار حياته مراحل سبق أن تنبأت له بها هذه السيدة، حيث قالت له إن حياته عبارة عن ضجة صاخبة، وإن أموالًا ستتداولها يديه، وإنه سينتقل بين الفقر والغنى، وكذلك تنبأت بأنه سيتعرض لصدام بسيارة يكون فيها، وهذا ما جعله يبعد عن اقتناء سيارة لنفسه وإن ركب مع أحد السائقين يستحلفه بأن يتمهل فى القيادة.
نجيب الريحاني يتنبأ بموته
«مات نجيب الرجل الذى اشتكى منه طوب الأرض وطوب السماء، مات (نجيب) الذى لا يعجبه العجب ولا الصيام فى رجب، مات الرجل الذى لا يعرف إلا الصراحة فى زمن النفاق ولم يعرف إلا البحبوحة فى زمن البخل والشُح، مات (الريحانى) فى 60 ألف سلامة».. كانت هذه كلمات رثى بها «كشكش بيه»، زعيم المسرح الفكاهى، نجيب الريحانى، نفسه، قبل وفاته بخمسة عشر يومًا، فى مفارقة قدرية غريبة.
جدير بالذكر أن العام المنقضي شهد على مسلسل عن حياة نجيب الريحاني تحت مسمى الضاحك الباكي، وقد أثار جدلًا غير مسبوق وحقق نجاحًا مدويًا عند عرضه، وهو من تأليف الإعلامي والسيناريست محمد الغيطي، ومن إخراج الأستاذ محمد فاضل، وبطولة كلًا من الفنان عمرو عبد الجليل، الفنانة اللبنانية رزان مغربي، الفنانة فردوس عبد الحميد، الفنان باسم قهار، الفنان محمد سليمان، الفنان مصطفى شوقي، ياسمين سمير، الفنان ياسر الطوبجي، الفنان سيد الرومي، الفنانة دارين حداد.