د. حياة عبدون تكتب: ما هو نوع لسانك ؟
يحكي أن " لقمان الحكيم " قد قضي فترة من شبابه يعمل لاحد الاشراف . في يوم من الايام , أمره سيده أن يذبح شاه و أن يشوي له أطيب ما فيها , فذبح " لقمان " الشاة وأتي سيده بلسانها ... في اليوم التالي , أمره سيده بذبح شاة أخري وأن يأتيه بأخبث ما فيها , فذبح " لقمان " الشاه وأتي سيده بلسانها أيضا .... فتعجب سيده وسأله عن السبب ؟ ... فقال " لقمان " : " يا سيدي .. لا شيء أطيب من اللسان اذا طاب و زين بالصدق، ولا شيء أخبث من اللسان اذا خبث وكذب .....
صدقت يا لقمان يا حكيم ...فما أطيب اللسان الصادق و ما أخبث اللسان الكذوب .... لكن ... هل ٍسألنا أنفسنا يوما ما هو نوع لساننا ؟ هل صمت لحظة، وسألت نفسك يوما، ما نوع لساني ؟ ....
هل لسانك من النوع العفيف، الطيب ، المستغفر، الشكور، التواب ، الحامد، المسبح، القوي في الحق، لا يخشي لومة لائم , الصادق ، المتأني ، الصامت عن أذي الناس و اطلاق الشائعات عنهم , الصامت عن ذمهم وأغتيابهم، الصامت عن الوقيعة بين الناس ؟ ..... أم لسانك من النوع الخبيث،السليط ، المتسرع، المغتاب، النمام، اللعان، المستهزيء بالاخرين، الوقح ، المجادل، المستفز، الكذوب ،المنافق ، الشتام، السباب، الذمام ؟ .
لقد تأملت زماننا الان , ووجدت أننا نعيش في زمان وصفه الامام علي بن أبي طالب :" أنكم تعيشون في زمان القائل فيه بالحق قليل .... و اللسان فيه عن الصدق كليل .... والازم فيه للحق ذليل ... أهله منعكفون علي العصيان ...فتاهم ارم ... شيخهم اثم ... عالمهم منافق ... قاربهم لا يحترم صغيرهم كبيرهم ... ولا يعول غنيهم فقيرهم ..."
صدقت يا امام .أليس هذا هو حالنا الان ؟ أليس هذا هو زماننا ؟ .
فنحن نعيش في" زمان قبح اللسان " .... قبح الكلمات .... قبح الافعال .... قبح المعاني و الالفاظ .... قبح المشاعر من حقد و كره و بغيضة و غيرة , و حسد , و شماتة ...!!!
للاسف ... هذا هو حالنا جميعا ....فأغلبنا لم يتعرف علي أكبر خطايا الانسان.... و لم يتمعن في قول رسول الله صلي الله عليه و سلم " أكثر خطايا بن ادم في لسانه ". كما ربط رسولنا الكريم صلي الله عليه و سلم الايمان باللسان فقال : " من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا أو ليصمت " .
أما عن طريق النجاة فقد أجاب شفيعنا عندما سألوه :" ما النجاة ؟ . قال : " أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وأبك علي خطيئتك ".
من منا يمسك لسانه !!! من منا يقل خيرا أو يصمت !!! من منا لا يغتاب بلا سبب أو مبرر!!! لقد أصبح " قبح اللسان " هو لسان حالنا الان، و أصبح مجتمعنا يلفظ من يجده قليل الكلام , عف اللسان، من لا يشارك في النميمة ...!!!!
و الان ... هل تعرفت أنت علي نوع لسانك ؟!!! أحذر...كلما كان العقل صغيرا , كان اللسان طويلا ...وكلما كان العقل متزنا , كان اللسان حكيما.