محمود أبو عمشة، طبيب غزة الذي أضاء الركام بنور الإنسانية


بأسى عميق وقلوب تنزف حزنًا، ودّعت نقابة الأطباء العامة الطبيب الشاب الدكتور محمود أبو عمشة، ابن السابعة والعشرين، الذي قضى شهيدًا في قطاع غزة، برصاص الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، ولم يكن محمود مجرد طبيب، بل كان رمزًا للعطاء، ونبراسًا للإنسانية، أضاء دروب الأمل وسط ظلمات الحرب.
منذ اندلاع العدوان على غزة في السابع من أكتوبر 2023، تجوّل الدكتور أبو عمشة بين أروقة مستشفيات القطاع، من شماله إلى جنوبه، حاملًا أدواته الطبية وقلبه الكبير، وفي ممرات مكتظة بالجرحى، كان يجري العمليات الجراحية، ويخيط الجروح، ويواسي المكلومين، ولم يثنه الحصار، ولا ألم الجوع، ولا مرارة فقدان الأحبة، وتطوع بروحه، دون أن ينتظر أجرًا، مدفوعًا بإيمان راسخ وواجب إنساني لا يعرف الكلل.
رحل الدكتور محمود تاركًا إرثًا عابقًا بالبطولة، محفورًا في ذاكرة زملائه وجدران المستشفيات التي شهدت تفانيه، ولم يحمل بندقية، بل سماعة طبية وابتسامة أذابت وجع المصابين، وكان يدًا تمتد بالرحمة، وصوتًا ينادي بالحياة وسط أنقاض الموت، واستهدفه الاحتلال لأنه اختار أن يكون طبيبًا، لأنه آمن أن إنقاذ الأرواح هو أسمى رسالات البشرية.
وجهت النقابة خالص العزاء إلى عائلة الشهيد ورفاق دربه، مؤكدةً أن ذكراه ستظل شعلة تضيء درب الكرامة والتضحية، وفي عزاءٍ يخفف الألم، رحل محمود عن عالم الظلم والمعاناة، ليصبح نجمًا ساطعًا في سماء الخالدين.
وأدانت نقابة أطباء مصر بشدة ما يحدث في غزة، واصفةً إياه بجريمة إنسانية تُرتكب على مرأى العالم، واعتبرت استهداف الأطباء والكوادر الطبية حلقة في سلسلة انتهاكات ممنهجة، تتم تحت ستار صمت دولي مخزٍ، وحملت المجتمع الدولي مسؤولية تخاذله، مطالبةً بتحرك عاجل لرفع الحصار، وحماية المدنيين، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وأكدت أن دماء الدكتور محمود أبو عمشة، وكل شهداء الإنسانية، ستبقى وصمة عار على جبين هذا الصمت.