فرقة «مسرح البدوي».. مسيرة إبداع ونضال
تعتبر فرقة "مسرح البدوي" واحدة من أشهر العائلات الفنية في تاريخ المسرح المغربي، وواحدة من الفرق الرائدة التي قدمت عروضا تجمع بين الترفيه والتثقيف، حيث ركزت على القضايا الإجتماعية والوطنية ما جعلها وسيلة قوية ومؤثرة لتقوية الانتماء الوطني.
تأسست فرقة البدوي على يد الفنان الراحل عبدالقادر البدوي خلال الخمسينيات، حيث استخدم المسرح كأداة للحفاظ على الهوية الثقافية المغربية، واستطاع أن ينقل المسرح من وسيلة للترفيه إلى وسيلة للنضال والتثقيف، ركز في نصوصه على مواضيع تعكس نبض الشارع المغربي مثل الفقر، الاستعمار، الظلم، حقوق الإنسان وقضايا المرأة، مما جعله يصطدم في كثير من الأحيان ببعض القيود، لكنه ظل يناضل من أجل فكره الوطني والإبداعي من خلال تقديم أعمالا ذات قيمة فنية عالية.
ساهمت فرقة البدوي في نشر الثقافة المسرحية بمختلف مناطق المغرب خاصة المدن التي لم يكن المسرح معروفا فيها، ومن أبرز المدن المغربية التي استفادت من النشاطات الفنية لهذه الفرقة في فترة الثمانينات والتسعينات هي مدينة "افران"، هذه المدينة المعروفة بجمال طبيعتها وأجوائها السياحية، أصبحت أكثر جاذبية بفضل العروض المسرحية للفرقة، ليصبح مسرح البدوي في ذلك الوقت جزءا لا يتجزأ من المشهد الثقافي في هذه المدينة المغربية.
كريمة، حسناء ومحسن البدوي، أبناء الفنان الراحل عبدالقادر البدوي، ورثوا رسالته الفنية، يواصلون النضال ويسيرون اليوم على خطى والدهم في الحفاظ على إرثه المسرحي، فكريمة البدوي فنانة مغربية بمقاييس عالمية، واحدة من أبرز الوجوه الفنية في المغرب وخارجه، تألقت كممثلة ومخرجة، وحسناء البدوي الممثلة المتشبعة بالمبادئ الفنية الصارمة، لها حضور مسرحي لافت، تساهم في تقديم أعمال مسرحية مستوحاة من قضايا المجتمع المغربي، أما المخرج محسن البدوي خريج المعهد العالي لفنون البث من جامعة لوفان لانوف البلجيكية والذي أخرج العديد من البرامج لفائدة القناة البلجيكية "ار تي بي اف"، يساهم أيضا بشكل كبير في الحفاظ على إرث والده من خلال دعم وتطوير البنية الإدارية والفنية للفرقة، وبذلك يمكننا القول أن أبناء البدوي هم الجيل الجديد من فرقة مسرح البدوي، يحملون مشعل الفن المسرحي بكل مسؤولية وإصرار، متمسكين بالقيم التي أسس لها والدهم الفنان القدير عبدالقادر البدوي، هم أيضا رمز لاستمرارية النضال الفني والثقافي في المغرب.