أرقام مخيفة.. وفيات الحوامل ظاهرة مرعبة في الولايات المتحدة

"إذا علمتِ أنك حامل اعلمى أن حياتك في خطر"، هذا هو حال النساء والفتيات داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد أن أصبحت ظاهرة وفاة الأمهات ظاهرة مرعبة داخل أمريكا، ووصلت النسب إلى أرقام مخيفة.

وبعد أن كانت معدلات وفيات الأمهات أعلى باستمرار بين النساء السود، الآن توسع الأمر ومع تزايد وفاة الأمهات السود، أيضًا تزايدت تلك النسب بين الجماعات العرقية الأخرى داخل أمريكا.


أمر مخيف.. الأرقام تتضاعف

فقد تضاعف عدد الأشخاص الذين يموتون في الولايات المتحدة لأسباب تتعلق بالحمل أكثر من الضعف في العشرين عامًا الماضية، وذلك وفقًا لدراسة جديدة.

وبينما وجدت الدراسة أن معدلات الوفيات لا تزال "مرتفعة بشكل غير مقبول بين جميع المجموعات العرقية والإثنية في جميع أنحاء الولايات المتحدة"، كانت أسوأ النتائج بين النساء السود والأمريكيين الأصليين وسكان ألاسكا الأصليين.

وتبحث الدراسة في بيانات كل ولاية على حدة من عام 2009 إلى عام 2019، وتقول المؤلفة المشاركة الدكتورة أليسون براينت، وهي طبيبة التوليد في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، إن معدلات وفيات الأمهات في الولايات المتحدة تزداد سوءًا، وتضيف: "يتفاقم هذا الأمر في الفئات السكانية التي عانت تاريخياً من نقص الخدمات أو التي تؤثر عليها العنصرية البنيوية بشكل كبير".



ليست الأمهات السود فقط

وكانت معدلات وفيات الأمهات باستمرار هي الأعلى بين النساء السود، ولكن وفقا لما توصلت إليه الدراسة، فقط تغيرت هذه المعدلات المرتفعة على مدار العشرين عامًا الماضية بالنسبة لسكان أمريكا الأصليين وسكان ألاسكا الأصليين، حيث تضاعفت نسبة معدلات الوفيات ثلاث مرات، عما كانت عليه في السابق، والدراسة التي شارك في تأليفها الدكتور جريجوري روث من جامعة واشنطن، قال فيها إن الجهود المبذولة لوقف وفيات الحمل لم تتوقف فقط في مناطق مثل الجنوب، حيث كانت المعدلات مرتفعة عادة، وتابع: "نظهر أنها تزداد سوءًا في الأماكن التي يُعتقد أنها تتمتع بصحة أفضل".

فقد شهدت أماكن مثل نيويورك ونيوجيرسي زيادة في الوفيات بين الأمهات السود واللاتينيات، وكذلك شهدت وايومنغ ومونتانا وفاة المزيد من الأمهات الآسيويات.

وعلى الرغم من انخفاض معدل وفيات الأمهات عند النساء البيض، إلا أنه يتزايد أيضًا في بعض أجزاء البلاد، ويكمل الطبيب حديثه قائلا: "إننا نرى أنه بالنسبة للنساء البيض، فإن وفيات الأمهات تزداد أيضًا في جميع أنحاء الجنوب، وفي أجزاء من نيو إنغلاند وفي جميع أنحاء ولايات الغرب الأوسط والجبال الشمالية".



الظاهرة غير متواجدة بالبلدان الغنية الأخرى وتلك أسبابها

وتوضح الصحف الأمريكية أن الزيادة المطردة في معدل وفيات الأمهات في الولايات المتحدة، تتناقض مع البلدان الأخرى ذات الدخل المرتفع التي شهدت انخفاضًا أكبر في معدلاتها المنخفضة كثيرًا، ويقول براينت: "هناك رسم بياني شديد الوضوح موجود بالخارج ومذهل للغاية، فمع دول مثل هولندا والنمسا واليابان مع انخفاض واضح، ثم هناك الولايات المتحدة التي هي فوق كل منهم بكثير وتتجه في الاتجاه المعاكس".

وتعتبر لجان المراجعة الحكومية أن معظم وفيات الأمهات يمكن منعها، وهنا تقول الدكتورة كاثرين سبونج، من مركز ساوث وسترن الطبي بجامعة تكساس، إن الوفيات المرتبطة بالحمل يمكن أن تكون ناجمة عن عوامل مختلفة، وتضيف: "أكبر عوامل الخطر هي أمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وتسمم الحمل الحاد، وأمراض القلب لدى الأم، والنزيف، وكذلك يمكن أن تساهم مشاكل القلب المستمرة وحالات الصحة العقلية أيضًا في وفاة الأم الجديدة".



الرعاية بعد الولادة ضرورة لعلاج الأزمة

ويقول الباحثون إن الأطباء سيكون لديهم فرصة أفضل للتعامل مع هذه الظروف الصحية، إذا حصل عدد أكبر من النساء على الرعاية الصحية بعد ولادة أطفالهن، فحوالي نصف الولادات في الولايات المتحدة يتم دفع تكاليفها من قبل Medicaid وغالبية الوفيات في فترة ما بعد الولادة مباشرة، وكما يقول روث: "إذا لم يكن لديك وصول سهل إلى الرعاية الصحية في هذه الفترة، فأنت في خطر كبير".

وبالنسبة لأولئك الذين يحصلون على الرعاية الصحية من خلال برنامج Medicaid، تستمر التغطية الطبية شهرين على الأقل بعد ولادة الطفل ومنذ عام 2021، كان لدى الدول خيار تمديد تلك التغطية لمدة عام، وحتى الآن، فعلت 36 ولاية وواشنطن العاصمة ذلك، ولكن ولايات مثل ألاباما وميسيسيبي، والتي شهدت بعضًا من أعلى الزيادات في وفيات الأمهات، لم تفعل ذلك.



بيانات مخيفة

وفي عام 2021، كان لدى الولايات المتحدة واحد من أسوأ معدلات وفيات الأمهات في تاريخ البلاد، ووفقًا لتقرير صادر عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وجد التقرير أن 1205 أشخاص ماتوا لأسباب تتعلق بالأمومة في الولايات المتحدة في عام 2021، ويمثل ذلك زيادة بنسبة 40٪ عن العام السابق، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية ، تحدث هذه الوفيات أثناء الحمل أو في غضون 42 يومًا بعد الولادة.

وكان المعدل في الولايات المتحدة لعام 2021 هو 32.9 حالة وفاة بين الأمهات لكل 100000 ولادة حية، وهو أكثر من عشرة أضعاف المعدلات المقدرة لبعض البلدان الأخرى ذات الدخل المرتفع، بما في ذلك أستراليا والنمسا وإسرائيل واليابان وإسبانيا والتي تراوحت جميعها بين 2 و3 وفيات لكل 100000. في عام 2020.



%84 من حالات الوفاة يمكن الوقاية منها

وخلال دراسة لعدة أسابيع في السنة، عملت الممرضة كارين شيفيلد عبد الله، هي وفريق من المحققين الطبيين الآخرين في قسم الصحة العامة في نورث كارولينا، على مسح سجلات المستشفى وتقارير الطب الشرعي للأمهات الجدد اللائي توفين بعد الولادة، وتبحث لجان مراجعة وفيات الأمهات هذه عن أدلة على أسباب الوفيات - الوصفات الطبية غير المعبأة، والمواعيد الفائتة بعد الولادة، وعلامات المتاعب التي أغفلها الأطباء - لمعرفة عدد الحالات التي كان من الممكن منعها وكيف.

وبعد أن أنهت اللجان مراجعة ما يقرب من 40 ولاية في الولايات المتحدة وفي أحدث وأكبر مجموعة من هذه البيانات، وذلك لصالح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية، تم اعتبار أن 84% من الوفيات المرتبطة بالحمل يمكن الوقاية منها، والأكثر إثارة للدهشة بالنسبة للممرضات المحققين مثل شيفيلد عبد الله ، هو أن 53% من الوفيات حدثت بعد مغادرة النساء للمستشفى بفترة طويلة، أي ما بين سبعة أيام وسنة بعد الولادة.