د.زكريا ابراهيم يكتب.. تجربة من داخل أحد الأوكار..الاتجار بالنساء
تجارة من أهم تجارات العالم المُظلم الذى تعايشت داخله لبحثه وفحصه عن قرب لفترة طويلة واستطعت مساعدة العدالة كثيرًا، التجارة بالبشر باختصار شديد جدًا بعيدًا عن مصطلحاتنا القانونية هو أى تعامل من نوع بالبيع أو الإتجار أو أى نوعية من التعامل يتم على الجسم البشرى والذى تحاول دول العالم كافة التصدى له نظرًا إلى أنه من الجرائم العابرة للحدود، ويتصدى له القانون المصرى بمواد القانون رقم 64 لسنة 2010 وكذلك أصبح هناك دور كبير جدًا للمجلس القومى للمرأة فى التصدى لجرائم التجارة بالبشر وأنشأ الخط الساخن للإبلاغ عن حالات التجارة بالبشر إلا أن المشكلة الحقيقية هى كيفية معرفة أننا أمام حالة اتجار بالبشر؟.
سبق فى المقالة السابقة وشرحت نوع من التجارة بالبشر فى صورته البسيطة والواضحة وهو حالة بيع طفل السفاح للتخلص من الفضيحة وهنا الأمور واضحة للغاية من بائع وسمسار ومشترى ومباع أو متجر به ولكن هناك جزء آخر أكثر انتشارًا وأكثر تعقيدًا للعديد من الأسباب أهمها أن المتاجر بها أن تعرف وأن تعى أنها تعتبر وطبقًا للقانون ضحية، وهذا الجزء هو التجارة بالنساء.
التجارة بالنساء له العديد من الأشكال والهدف به أيضًا العديد من المشاكل التى تواجه سواء مأمور الضبط القضائي أو النيابة العامة، ومن أكثر تلك الأشكال انتشارًا هو استغلال النساء للعمل فى الدعارة وتجارة الجنس وتتم بأن يقوم المتهم بالتجارة فى تهديد الضحية بالضرب أو التشويه أو القتل أو فى خداع الضحية بالوهم والتدليس والخداع الذى قد يصل إلى الوعد بالزواج وأن يقوم بتوفير المأكل والملبس والحماية والسكن لها، والمشكلة أن الضحية هنا موافقة ولكنها تعتبر مسلوبة الإرادة خاصة لو كانت قاصر الخبرة لها بالحياة، وتعتقد أنها شريكة فى الجريمة بل إنها قد تحمى الجانى على حساب نفسها، والفارق بين جناية التجارة بالبشر وجنحة الدعارة العادية، ويتضح أمام مأمور الضبط القضائي من خلال مناقشة المقبوض عليهم والتفرقة بين الضحية أو المجنى عليها وبين الجانى أو الجناة وقد وضع القانون العديد من الضوابط والضمانات التى تحمى الضحية وتوضح المأمور الضبط وكذلك النيابة العامة كيفية التعامل فى تلك الحالات أشهر قضايا التجار بالبشر، ومن أكبر وأشهر تلك القضايا والتى شغلت الرأى العام لفترة طويلة قضية الملهى الليلى الشهير بالهرم والذى تحول بوكر يتم فيه كافة أنواع الاستغلال والجرائم من التحريض على الفسق إلى إقامة الحفلات الخاصة بالشواذ جنسيًا وحمايتهم وضمان وجودهم لجذب الزبائن راغبى ممارسة الفجور وكذلك كان صاحبه يقوم باستغلال بعض الفتيات القاصرات يعتبرن أطفال فى سن الثالثة والرابعة عشر ويتم تقديم المشروبات الروحية والخمور لهن والعمل والحفاظ على تواجدهن يوميًا بالملهى لما يمثلنه من عنصر جذب كبير لزبائن ملهاه من أصحاب الرغبات الشاذة فى ممارسة الجنس مع الأطفال والذين يجزلون العطاء لمن يوفر لهم تلك المتعة الشاذة، وظل يمارس نشاطه لفترة طويلة من الزمن مستترًا بعيدًا عن أعين القانون حتى أنه جهز القاعات بأسلوب يشوش على أجهزة الهواتف المحمولة بالإضافة للإستعانة بالعديد من الحراس والبلطجية وأصحاب السوابق الإجرامية للعمل على حماية الملهى وأيضًا لتخويف الفتيات وإجبارهن على الحضور والعمل فى حالة رفضهن للحضور أو العمل لديه وأيضًا استعان بالعديد من الأشخاص خارج ملهاه بدءًا من عامل الجراج وحتى بعض الباعة الجائلين ليكونوا عيونًا له فى حالة أى تواجد شرطى بالقرب من ملهاة وكل ذلك يخالف العديد من كاميرات المراقبة المتقدمة جدًا والحديثة لتأمين كافة حدود الملهى من كل الجهات لدرجة أنك عندما تدخل ذلك الملهى تشعر انك دخلت قلعة حصينة يمكنك فعل ما تشاء داخلها طالما يمكنك دفع الثمن ويمكنك الحصول على كل أنواع المتع المحرمة أيا كانت يمكنك الحصول على شاب شاذ أو متحول جنسيًا لممارسة الفجور، ويمكنك الحصول على سيدة أو فتاة فى أى سن تشاء بداية من الفتيات فى سن الطفولة إلى النساء الكبيرات ولكل نوعية وكل متعة ثمنها الذى تدفعه والويل كل الويل لمن ترفض مجرد الحضور للملهى لتأدية المطلوب منها يتم تهديدها بداية من المكالمات الهاتفية وصولًا الى إرسال البلطجية لإحضارهن وكذلك المخدرات بأنواعها.
شيئ يجعلك تشعر بالإشمئزاز أو أنك انتقلت فجأة إلى بؤرة من الجحيم مليئة بالخطاه وكل شيئ ممنوع ومحرم أو مجرم مسموح ومباح فى ذلك المكان، شيئ وحيد لم يحسب له هذا الشيطان أو الشياطين أصحاب المكان والذى تراه حال دخولك المكان جالسًا على كرسى مذهب شديد الفخامة يشبه كراسى عروش الملوك وبجانبه الشيشة يتابع شخصيًا أعداد الوافدين لوكره كما لو كان الشيطان يطمئن إلى كمية الخطيئة التى ستتم اليوم لم يحسب حساب أن مصر تغير وتقدمت على كل المستويات وأن أبناء مصر يحمونها من شياطين الخارج والداخل أيضًا وأننا فى عصر جديد لن يسمح فيه لأحد بمخالفة القانون، ولم يفهم ذلك الشيطان أنه المكان له فى مصرنا الحبيبة والدولة الجديدة، وعليه انطلق رجال إنفاذ القانون بعد اتخاذ كافة إجراءاتهم القانونية والتى تحول دون إفلات ذلك الشيطان من العقاب فتلك ليست أول مرة تتم مهاجمته إلا أنها كانت أقوى وأشد ضربة وصفعة فى سوق التجارة بالبشر والنساء وتم القبض عليه وعلى كل من بالملهى وضبط كل ما كان يتم به من موبقات وقاذورات وتم أيضًا ضبط ضحاياه من النساء والفتيات القاصرات واللائى شرحن من خلال أنفاس متقطعة ودموع منهمرة ما كان يحدث معهن، وتم بالفعل تحويل القضية للنيابة والتى أحالت المتهمين للقضاء بتهمة التجارة فى الفتيات القاصرات ليكون عبرة لغيره وليعلم الجميع أنه لا أحد فوق القانون وأنه المكان للشياطين فى مصر، فى دولتنا الجديدة، اللهم تحمى مصرنا شعبا وجيشا وقائدًا حكيمًا.