في مثل هذا اليوم| ذكرى ميلاد أمير الرواية العربية «نجيب محفوظ» الـ 110


منذ اللحظات الأولى لحياته كانت الصعاب، فقد كانت ولادته في 11 ديسمبر 1911 متعسرة جدًا، مما أرهق الطبيب الذي كان يولد أمه، ومن شدة العناء وخطورة الموقف، الذي هدد حياة الجنين، استطاع الطبيب أن ينقذه وينقذ أمه بإرادة الله وقدرته، مما جعل والده "عبد العزيز إبراهيم"، يسمي ابنه اسمًا مركبًا على اسم الطبيب وذلك امتنانًا وعرفانًا بمجهوده فسمي الوليد "نجيب محفوظ".
وتمر اليوم 11 ديسمبر، الذكرى الـ110 لميلاد الأديب الكبير نجيب محفوظ؛ إذ ولد في مثل هذا اليوم عام 1911، ورحل في 30 أغسطس 2006، ويُعد أول أديب عربي يحصل على جائزة نوبل في الأدب، عام 1988.
اقرأ أيضاً
الغيطي يحكي كيف كتب أول وآخر مسلسل عن الفراعنة والملك خوفو وماذا قال له نجيب محفوظ وزاهي حواس
الطالبة الروسية الأولى في ثانوية دهب لـ"انا حوا": احب اللهجة المصرية وأعشق روايات نجيب محفوظ
مني باروما تكتب.. "الفتوة" يسرق نجيب محفوظ
ريم بسيوني تحصد جائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية مصرية
ابنة نجيب محفوظ تهدي كتبه لـ وزارة الثقافة
كانت أول لحظات في حياة أمير الرواية العربية "نجيب محفوظ" في حي الجمالية، الذي استوحى منه العديد من إبداعاته، فقد كان والده موظفًا لم يقرأ كتابًا في حياته بعد القرآن غير حديث عيسى بن هشام، لأن كاتبه المويلحي كان صديقًا له.
التحق نجيب محفوظ بجامعة القاهرة في 1930 وحصل على ليسانس الفلسفة، شرع بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية ثم غير رأيه وقرر التركيز على الأدب.
انضم إلى السلك الحكومي ليعمل سكرتيرًا برلمانيًا في وزارة الأوقاف "1938: 1945، ثم مديرًا لمؤسسة القرض الحسن في الوزارة حتى 1954، وعمل بعدها مديرًا لمكتب وزير الإرشاد، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة مديرًا للرقابة على المصنفات الفنية.
وفي 1960 عمل مديرًا عامًا لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشارًا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون، آخر منصبٍ حكومي شغله كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما "1966 – 1971"، وتقاعد بعده ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام.
وتزوج نجيب محفوظ في فترة توقفه عن الكتابة بعد ثورة 1952 من السيدة عطية الله إبراهيم، وأخفى خبر زواجه عمن حوله لعشر سنوات متعللًا عن عدم زواجه بانشغاله برعاية أمه وأخته الأرملة وأطفالها.
وفي تلك الفترة كان دخله قد ازداد من عمله في كتابة سيناريوهات الأفلام، وأصبح لديه من المال ما يكفي لتأسيس عائلة، ولم يُعرف عن زواجه إلا بعد عشر سنواتٍ من حدوثه عندما تشاجرت إحدى ابنتيه أم كلثوم وفاطمة مع زميلة لها في المدرسة، فعرف الشاعر صلاح جاهين بالأمر من والد الطالبة، وانتشر الخبر بين المعارف.
ومن أشهر أعماله، هي الثلاثية "قصر الشوق وبين القصرين والسكرية"، وأولاد حارتنا، وتحولت الكثير من كتابته إلى السينما والتلفزيون.
وحصل نجيب محفوظ علي جوائز عديدة منها "جائزة قوت القلوب الدمرداشية عن رواية رادوبيس، جائزة وزارة المعارف عن كفاح طيبة، جائزة مجمع اللغة العربية عن خان الخليلي، جائزة الدولة في الأدب عن روايته بين القصرين، وحصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1962، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1968، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1972، وحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1988، وقلادة النيل العظمى عام 1988، وجائزة كفافيس عام 2004.
«زقاق المدق»، «بين القصرين»، «قصر الشوق»، «السمان والخريف».. أفلام لا تُنسى، ولكنها في الأصل كانت روايات للأديب الكبير نجيب محفوظ، التي عمل المخرجين السينمائيين لتحويلها إلى أعمال سينمائية لتخليدها، والتي حصل بسببها محفوظ على جائزة نوبل في الأدب في عام 1988.
وصل عدد الروايات التي تحولات إلى أفلام إلى 21 رواية وهم: "اللص والكلاب، بين القصرين، بداية ونهاية، زقاق المدق، الطريق، القاهرة 30، خان الخليلي، قصر الشوق، السمان والخريف، ميرامار، السراب، ثرثرة فوق النيل، السكرية، الشحاذ، الحب تحت المطر، الكرنك، عصر الحب، الشيطان يعظ، وكالة البلح، قلب الليل، الحب فوق هضبة الهرم".
بينما وصل عدد الروايات التي تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية إلى 8 روايات، وهما : "اللص والكلاب، الباقي من الزمن ساعة، بين القصرين، قصر الشوق، حضرة المُحترم، الأقدار، حديث الصباح والمساء، أفراح القبة".
وعرف عن نجيب محفوظ إخلاصه للكتابة، وكذلك التحفظ في أحاديثه للصحافة؛ إذا كان يفضل طرح أرائه الفلسفية وأفكاره للكتابة الأدبية، وجمعنا أبرز ما يميل القراء إلى تداوله من اقتباسات له من أعماله الأدبية:
* زقاق المدق
"أي واحد منا تستقبله الدنيا كملك من الملوك، ثم يصير بعد ذلك ما يشاء له نحسه، وهذا خداع حكيم من الحياة، وإلا فلو أنها أفصحت لنا عما في ضميرها منذ اللحظة الأولى لأبينا أن نفارق الأرحام".
* الحرافيش
"عاشر الزمان وجها لوجه بلا شريك، بلا ملهاة ولا مخدر، واجهه في جموده وتوقفه وثقله، إنه شيء عنيد ثابت كثيف، وهو الذي يتحرك في ثناياه، كما يتحرك النائم في كابوس، إنه جدار غليظ مرهق متجهم، غير محتمل إذا انفرد بمعزل عن الناس والعمل، كأننا لا نعمل ولا نصادق ولا نحب ولا نلهو إلا فرارا من الزمن، الشكوى من قصره ومروره أرحم من الشكوى من توقفه".
* الكرنك
"من العبث أن تناقش عاشق في عشقه".
* السكرية
"من المستحسن دائما أن يتأمل الإنسان ما يراود نفسه من أحلام، على ذلك فالتصوف هروب، كما أن الإيمان السلبي بالعلم هروب، وإذن فلا بد من عمل، ولا بد للعمل من إيمان، والمسألة هي كيف نخلق لأنفسنا إيمانا جديرا بالحياة".
* قشتمر
"الموت يبدأ بالذاكرة، وموت الذاكرة أقسى أنواع الموت، ففي قبضته تعيش موتك وأنت حي".
* خان الخليلي
"الحياة مأساة والدنيا مسرح ممل، ومن العجب أن الرواية مفجعة ولكن الممثلين مهرجون، ومن العجب أن المغزى محزن، لا لأنه محزن في ذاته ولكن لأنه أريد به الجد فأحدث الهزل، ولما كنا لا نستطيع في الغالب أن نضحك من إخفاق آمالنا فإننا نبكي عليها فتخدعنا الدموع عن الحقيقة، ونتوهم أن الرواية مأساة والحقيقة مهزلة كبرى".
وتُوفي نجيب محفوظ في 30 أغسطس عام 2006 بعد عشرين يومًا من دخوله مستشفى الشرطة، في حي العجوزة، لإصابته بمشاكل في الرئة والكليتين.