حصريًا لـ«أنا حوا».. الشاعرة المغربية لطيفة السليماني الغراس: المرأة عندنا سبقت نساء أوروبا
الأستاذة لطيفة السليماني الغراس شاعرة العاصمة الاسماعلية مكناس، هذه المدينة التاريخية صاحبة الأسوار العالية والتي تجمع بين مميزات العمارة الإسلامية والتقدم الذي أحرزته العمارة الأوروبية، شاعرة تعيد للحياة معناها بالشعر، حصلت على أول درع لهذه المدينة العريقة في مهرجان سينما الشباب، عملت في مجال التعليم كمفتشة بالتعليم الثانوي لأساتذة اللغة العربية كما كانت عضوة بالمجلس الوطني لحزب الاستقلال.
لها عدة دواوين أهمها: "دخان اللهب"، "ذيول الذكريات"، "حذاء الأيام"، "الصراخ البحوح"، و"صخب النفس"، كما أصدرت كتابًا بعنوان: "رحلتي إلى مصر".
اقرأ أيضاً
- هند الصنعاني تكتب.. في يومها الوطني.. المرأة المغربية بين التمكين والريادة
- النجمة التونسية لطيفة تدعم قرارات الرئيس قيس سعيد
- لطيفة تُعلق على انفجار جبل على: «الله يحمى الإمارات وأهلها»
- لطيفة تنعى شهداء جبل المغيلة
- ”لطيفة“ تهنئ والدتها بعيد ميلادها وهى على كرسى متحرك.. شاهد
- الجلابية والقفطان والتكشيطة.. ملابس المرأة المغربية عبر الازمان
- رقصة راغب علامة مع لطيفة تشعل السوشيال
- هكذا احتفلت لطيفة بذكرى 30 يونيو
- عمار الشريعي ونوح ولطيفة وأنيس منصور يغنون وداع رمضان
- هند الصنعاني تكتب: المرأة المغربية مابين الماضي و الحاضر
- فيفي عبده توجه رساله لكارهيها و"لطيفة" ترد
- لطيفة تعلن عن دويتو مع محمد منير
أنا حوا: هل الشعر بالنسبة لك هواية أم هوية؟
لطيفة: الشعر هوية لأنه لسان الحال وهو يدخل في باب الإلهام وليس الهواية.
أنا حوا: ماذا تفضلين لقب الشاعرة أم لقب الكاتبة؟
لطيفة: أعز الألقاب إلى نفسي هو لقب أستاذة لما له من عمق وشمولية.
أنا حوا: هل مكناس كانت ولازالت مصدر إلهام لك وبماذا تمتاز عن باقي مدن المغرب؟
لطيفة: مكناس عاصمة الملك العلوي العظيم المولى إسماعيل الذي كان الغرب يقرأ له ألف حساب، لا بد أن تكون مصدر إلهام، بها الميلاد والنشأة وهذه الأخيرة تقترن بالتربية على الوطنية، فقد درست بمؤسسة كانت أول مشروع وطني تعليمي، بعد عقد الحماية، وكانت مدرسة خاصة أسسها حزب الاستقلال، لتشجيع النضال الوطني بتأثير من الفكر السلفي عند الأفغاني ومحمد عبده، والحفاظ على اللغة القومية وما يتبعها من قيم حضارية، هذه المؤسسة (مدرسة النهضة) جعلتنا ننخرط في منظمة الشبيبة الاستقلالية، حيث فهمنا معنى الوطنية.
أنا حوا: هل تتذكرين أول ديوان شعري لك؟
لطيفة: أول ديوان شعري هو "دخان اللهب"، وسبقه كتابات أدبية بمجال القصة القصيرة وأنا طالبة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس، وبعد الانخراط في صفوف الاتحاد العام لطلبة المغرب وبعده المجلس الوطني لحزب الاستقلال، بدأت كتابة المقالة ذات البعد الاجتماعي والسياسي بجريدة العلم، عندما كان المرحوم المساري رئيس التحرير بها، وكانت الكتابة الشعرية بالثمانينات، قابعة بين الأوراق وأنا في دوامة العمل وتربية الأبناء، إلى أن أصرت إحدى صديقاتي على الطبع والنشر ديوان "دخان اللهب" يحمل الهم العربي وما يقع في الأراضي العربية.
أنا حوا: ما هي أهم مشاركاتك وانجازاتك وما هي أهم الجوائز التي حصلت عليها في مشوارك الأدبي؟
لطيفة: في اعتقادي أن أكبر جائزة هي أنني استطعت تربية أطفالي وحققت لديهم النجاح والتفوق وكذلك احترام الناس وتقديرهم كمناضلة تؤمن بالحق العربي وكشاعرة تلتزم بتلك القضايا، ولا أنكر أنني كُرّمت من عدة هيئات وعدة منابر ثقافية، وتسلمت أول درع لمدينة مكناس، واستقبلت عدة مرات في منابر إعلامية، وأيضا كتبت عدة مقالات في أدب الرحلة إن صح التعبير من تأثير رحلتي لجمهورية مصر العربية، وقدمت قناة النيل الثقافية ديواني: "ذيول الذكريات" وكتبت في مواضيع مختلفة في مجلات ورقية وأخرى إلكترونية.
أنا حوا: هل أنت من مناصرات ما يسمى بـ "الأدب النسائي"؟
لطيفة: سأصدقك القول، أنا لا أحب مصطلح "الأدب النسائي" وهو مصطلح غير عفوي النية ولكن في صراع الأقليات تقع التجاوزات بكل أنواعها، وتُغلق بعض المنافذ، ولذلك أشكر السيدة الأديبة عزيزة يحضيه عمر على تأسيس رابطة كاتبات المغرب، وعلى دعوتها لي بالانضمام، فهي منظمة ذات أهداف تثقيفية معرفية إبداعية، فتحت المجال للمشاركة النسائية في الفعل التنموي الثقافي، دون حواجز عليها علامات استفهام كليرة من حيث معيار القبول.
أنا حوا: هل انت من المتمردات ضد السيادة الذكورية في مجتمعنا العربي أم من مؤيدات مبدأ "ظل رجل أفضل من ظل الحائط؟
لطيفة: المرأة العربية عرفت ازدهارًا وتفوقًا ولكن جاءت مرحلة الاندحار واللاأمن وخافت الأسر ووضعت سياجًا عُرفيًا حول المرأة ودخلت منطقة الظل، ولكن لكل زمن رواد دافعوا عن حقوقها.
أنا حوا: هل أنت من المناصرات للحرية بكل أطيافها بما فيها الحرية الجنسية؟
لطيفة: مفهوم الحرية يرتبط بالكائن البشري الإنساني، ولذلك عندما أنادي بالحرية، لا أكون متمردة وإنما أطالب بحق إنساني وفق المنطق والعقل، والحرية أمر مقدس ويبقى مفهومها يتسع وفق القيم والمنظور الحضاري للمرأة العربية، وأنا غير مستلبة ببعض المطالب التي توافق مجتمعًا آخرًا له قيمه الخاصة ومنظوره الخاص وبيئته الخاصة، التي لا تنطبق علينا، والأسرة نواة المجتمع وأحرص على أن تبقى نقية متلاحمة، والشرع يبيح الطلاق ولا يبيح تعدد العلاقات الجنسية المتعددة، لما فيها من اختلاط الأنساب والتعرض للأمراض، وضياع لحقوق الأطفال، وفي نفس الوقت أرفض العنف بكل أشكاله، وأرفض كل أشكال اللاعدالة التي لا تنتصر للحق بفكر ذكوري متعصب ومتخلف.
أنا حوا: من أين تستمد المرأة المغربية قوتها، ثقافتها وفكرها، وهل هي "متحررة" فكريًا بالنسبة للنساء العربيات؟
لطيفة: المرأة المغربية تمارس حقوقها من قوانين جديدة تكفل لها حقوقًا بعضها كان مهضومًا، وبعضها كان يثير الدهشة، فمثلًا كانت تتمتع بحق التصويت والمشاركة بالانتخابات، قبل المرأة الغربية السويسرية، ولا أظن أن المرأة المغربية أكثر تحررًا في العالم العربي، إذا ما راعينا مقاومة المغاربة لمد مذهبي أخرق متعصب أعاد بعض العربيات إلى الظل المظلم.
المرأة المغربية الأمازيغية مارست الحرية وتمتعت بها، حتى بعد الفتح الإسلامي وكذلك المرأة المغربية ذات الجذور العربية، سأذكر لك مثلًا من مدينتي العريقة: إنها خناثة بنت بكار زوجة الملك المولى إسماعيل، كانت تتجول بعربة الخيل أو على فرسها وتمارس العمل الاجتماعي والسياسي منذ قرون مضت، كل تغير في المجتمع يبدأ بتعليم المرأة والتي تؤثر في منظومة الأسرة، وهذا التعليم يجرنا إلى المناهج التعليمية التي تسوق المفاهيم الصحيحة لمجتمع سليم متسلح بالعلم.
أنا حوا: هل ترين أن القوانين المغربية رادعة للانتهاكات التي تتعرض لها المرأة المغربية كالتحرش والاغتصاب والعنف بكل أنواعه، أم هذه القوانين تحتاج الى مراجعات؟
لطيفة: الاغتصاب والعنف ظاهرة في كل بلاد العالم، ولكن القوانين تُسن من أجل القضاء عليها وإذا لم تفعل هذه القوانين، فهناك ما يسمى بالأمراض الاجتماعية، وعلى المرأة رفض مبدأ الصمت والاستسلام للأعراف الغير قويمة.
أنا حوا: انت حكيمة من حكيمات رابطة كاتبات المغرب، ما هي اهداف هذا التجمع الذي يضم اعدادًا كبيرة من المثقفات والكاتبات، وهل ساهم في تقديم نموذجًا للمرأة المغربية المثقفة خاصة والمرأة العربية عامة خصوصًا أن هناك مشاركات من كل الدول العربية في انشطة الرابطة الغنية؟
لطيفة: أنا من مجلس حكيمات رابطة كاتبات المغرب، وهذا ما يؤكد مبدأ الدفاع عن المرأة عمومًا، وممارسة حقها بالاشتراك في التنمية الثقافية بالمغرب، دون عوائق تتعلق ببعض أعراض المرض النفسي والاجتماعي، الذي كان يُقصي بعض المبدعات، ولا شك أن الرابطة أزاحت الكثير من المتاريس، وأتاحت الفرصة لكثير من النساء للإسهام في الفعل الثقافي وهذا جانب جد مهم في التنمية.وأجدد الشكر والتقدير للسيدة رئيسة الرابطة وكل من كان إلى جانبها عند التأسيس، رابطة كاتبات المغرب هي منظمة تجمع خيرة نساء المغرب وفي كل مجالات العطاء.
أنا حوا: لو طلب منك ترشيح شخصية العام، ترى من تكون هذه الشخصية النسائية مغربية كانت او عربية؟
لطيفة: كل النساء بالمغرب أرفع لهن راية التقدير، ومنهن القرويات في أعالي الجبال وهن يتحملن كل الظروف القاسية، ومع ذلك يسهرن على تعليم بناتهن.
ومبدأ التفاضل والاختيار أمر صعب جدًا، لا يناسب تفكيري، وإذا كنت مجبرة على ذلك، فسأذكر شخصية نسائية شرفت المغرب بعلمها وهي أسماء بوجيبار، أول امرأة عربية إفريقية تنضم لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، وأضيف إسم امرأة كانت تقطع طرقات المغرب شرقًا وغربًا، شمالا وجنوبا دون كلل، لتلمع الرابطة وتحافظ على استمرارها، إنها السيدة عزيزة يحضيه رئيسة رابطة كاتبات المغرب.
أنا حوا: كيف ترين المرأة العربية بعد عشرين سنة؟
لطيفة: لست من علماء علم المستقبليات، ولذلك لن أتمكن بالتكهن لما ستكون عليه المرأة العربية، خصوصًا في ظل هذه الأوضاع السياسية التي تتحكم في خيوطها الدول العظمى، ولكي أكون متفائلة أقول: جاء أوان المرأة العربية القوية التي تحارب الجهل والتهميش والتعصب المذهبي والعرقي، فبالمرأة تبني الأمم معاقلها، وليس بالمرأة التي تدفن فكرها وتحركها قوانين لعبة الإشهار!
أنا حوا: هل هناك أحلام وطموح لازلت تسعين لتحقيقها؟
لطيفة: الطموح صفة إنسانية تُكتسب بالتربية والعلم، ولا تنتهي بسن معين، والطموح بالنسبة لي هو تحقيق أثر إيجابي في وسط الأسرة المغربية، من أجل إعلاء شأن وطني اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا.