د. حبيبة محمدي تكتب : نحن والغرب : صراع ام تواصل
بعيدًا عن مشكلات الهوّية والآخر، وغيرها، ممّا لا يتسّع المجالُ لمناقشته، فى هذه السانحة.
أتحدث، هنا عن فعل الترجمة، وأهميتها، ودورها فى التواصل مع الآخر، ثقافيًا، وحضاريا، وأدبيا واجتماعيا، أيضًا..
ثمَّة صراع ضمنى، ولكنَّه جوهرى، بين الشرق والغرب، حتى لو تم إنكارُ ذلك!
أعتقد أنَّ حلَّ تلك المعضلة هو الترجمة الأمينة، والتواصل المسؤول!
فلنفتح مسامَ أرواحِنا على اللغات..
أنا أقرأ باللغات الثلاث: العربية، الفرنسية والإنجليزية (الترتيب مقصود)، ولا أرى مانعًا من القراءة والكتابة باللغات المختلفة.
لكنّى أُفضِّل أن أكتبَ بلغةِ القلب، اللغة العربية الجميلة!..
أنا، لا عُقَد لدى فى أن نقرأ بلغاتٍ أخرى، أو نكتب، محافظين فى ذلك على هوّيتنا.. وعلينا أن نُفرِّقَ بين السياسة والتاريخ، والثقافة والمعرفة!
لنفتح عقولنا على اللغات، إذا أردنا تطورا وازدهارا فى آدابنا ومعارفنا...
وقد تُرجمت بعضُ قصائدى إلى لغاتٍ أخرى، كالفرنسية والإنجليزية، والإسبانية، ولى ديوان كامل مُترجم إلى الإنجليزية، هو ديوان «وقتٌ فى العراء»، الذى ترجمه الناقد المصرى الكبير الدكتور «محمد عنانى»، رئيس قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة، واتخذه كنموذجٍ لقصيدة النثر الحديثة، حيث درَّسَه لطلابه بالجامعة.
أتذكر، فى حوارٍ لى مع عميد الرواية العربية، أستاذنا «نجيب محفوظ»، كان ذلك بمناسبة حصوله على جائزة «نوبل»، سألته عن الترجمة وفائدتها، بالنسبة له؟ قال لى: (طبعا، الترجمة، أفادتنى، لأنَّها عرّفتنى على قُرّاء جدّد لى، وراء البحار والمحيطات، ولولا الترجمة لما تمتْ قراءتى، ولما حصلتُ على نوبل!).
إنَّ الترجمةَ جسورٌ، نبنيها مع الآخر، دون أن نتخلى عن هوّيتنا، وجذورنا، فالأستاذ «نجيب محفوظ»، الذى غاص فى المحلية، وهو ابن حى «الجمالية» العريق، قد وصل إلى العالمية، بأعماله، التى عبَّرَ فيها عن مجتمعه وواقعه، بكلِّ صدق، وهذا ما جعلَ منه «نجيب محفوظ»، العظيم والخالد، حيث أوصلَ الأدبَ العربى إلى العالمية.
وأنا أرى أنَّ الأستاذ «نجيب محفوظ»- رحمه آلله- هو العبقرية الاستثنائية الوحيدة، فى تاريخ الرواية العربية.
- صحيح أنَّ الإنسانيةَ تواصل.. لكنْ يجب مراعاة حق الإنسان، قبل كلِّ شىء!.
الترجمة، إحدى تجلّيات التواصل، ثقافيًا، لا علاقة لها بالسياسة!
- نتواصل ثقافيًا وحضاريًا، مع الآخر، إذا كان صديقًا وليس عدُوًّا!
لكنْ، عند الكرامة العربية، وضمير الأمة والتاريخ العربى المشترك يوجد خطٌ أحمر!