د. حبيبة محمدي تكتب.. «مِصرُ» أهلُ كل عربى!
أنا حواكم يحزُّ فى نفسى نكران الجميلِ من بعضِ البشر!!.
لا أفهم - الحقيقة - كيف يسمحُ بعضُ المُتشدّقين بالكلام لأنفسِهم بذلك الجحود تجاه بلدٍ فتح لهم ذراعيْه، واحتضن مواهبَهم، وساعدهم على الوصولِ إلى النجاحِ والشهرة.. وما كانوا ليعرفَهم أحدٌ، لولا مِصر!! ثم يتنكرون لفضلها وخيرها!!.
لا أحدَ ينكر فضلَ «مِصر» على المبدعين وأصحاب المواهب من الوطن العربى فى شتى المجالات، كالتمثيل، والغناء.. كما عاش فيها شعراءُ، وروائيون، وكُتّابُ قصة ومسرح، بل حتى صحافة؛ لم تبخل «مِصر» أبدا عبر تاريخها على أحد.
جاءت «وردة الجزائرية» إلى «مِصر» ونجحت، و«صباح»... وغيرهما الكثير من الفنانين من كلِّ بلاد الوطن العربى، مطربون وممثلون كثيرون، لا تتسّع مساحةُ العمود لذكرهم جميعًا، وجاءت السيدة «فاطمة اليوسف» من لبنان، لتؤسّس مجلة «روزا اليوسف» الرائدة، وأيضا جريدة «الأهرام» العريقة، التى أسّسها اثنان من الأشقاء اللبنانيين «بشارة وسليم تقلا»، وأيضا «جُرجى زيدان» وهو أديب ومؤرخ لبنانى، الذى أصدر مجلة «الهلال»... والأمثلة كثيرة، تُعدّ ولا تُحصى!.
كلُّ العرب انصهروا فى بوتقةِ الإبداع، وعلى أرضِ الكنانة، وحدها «مِصرُ» تذوب فيها كلُّ الفوارق العرقية والدينية والأجناس، وتنتصر للإنسان والموهبة والكفاءة، فحسب!.
إنّنا ننتمى إلى أوطانِنا مثلما ننتمى إلى أمهاتنا، حيث تصيرُ هى ينبوع الحنان والحبّ والشوق الدائم إلى الحضن الدافئ!. وثمة أوطان تستطيع أن تفعل معكَ ذلك، حتى لو لم تكن ابنها الأصلى، فهى تُروّض قلبَكَ على حبّها!.
الأوطانُ ليس لها مكان، أينما تكون المحبّة يكون وطنك!. حسب «معجم المعانى الجامع»، الوَطَنُ هو: مكانُ إِقامةِ الإِنسان وَمقَرُّه، وإليه انتماؤه، وُلد به أَو لم يولد.
والقول: وطَنَ فلانٌ بالمكانِ: أقامَ به، سكَنه وألِفه واتَّخذه وطَنًا.
وطالما اختار الإنسانُ مكانًا للإقامة والعيش، وذلك الوطن احتضنه ومنحه الحبّ والاعتراف والتقدير، فقد صار له وطنًا بكلِّ أوجه التعريف والإنسانية.
ويبقى خيرُ الكثير من الفنانين والأدباء وغيرهم من أكتاف «مِصر»!. وإنَّ ناكرَ الخيرِ جاحدٌ لا يعرف قيمةَ الأوطانِ والبشر؛ وأنا شخصيا، يطيبُ لى أن أعترف فى هذا المقام بأننّى أَدين بالفضل الكبير لمِصرَ العزيزة فى مسيرتى الأدبية والعلمية والإنسانية.. وسأظل أعترف بذلك ما حييتُ، وذلك أقلّ واجب تجاه وطنٍ ثانٍ لى سكنتُه وعشتُ بين أهله «مُعززّةً مُكرّمةً»، ومازال يسكننّى وفاء ومحبّة!. والذى لا يذكر فضلَ الآخرين عليه؛ جاحدٌ أو ناكرُ جميل!.
ويقول المثل باللهجة العامية الجميلة: ((اللى مَلُوش خِير فى أهله مَلُوش خير فى حد!)).
و«مِصرُ» هى أهلٌ لكلِّ عربى!.