خاتمة مباركة في الضبعة: الحاج حميدة يودّع الحياة بين يدي الرحمن


في مشهد مهيب يروي قصة إيمان عميق، شهد المسجد الكبير بمدينة الضبعة في محافظة مطروح لحظة وداع مؤثرة لأحد أعمدته، الحاج حميدة صالح قاسي الشتوري، هذا الرجل، الذي تحدى ظلمة العينين بنور البصيرة، فارق الحياة لحظة استعداده للقاء ربه في صلاة العشاء، تاركًا وراءه إرثًا من التقوى والمحبة.
كان المسجد قد أنارته أصوات المؤمنين مع أذان العشاء، حين نهض الحاج حميدة، رغم تقدم العمر وفقدان البصر، ليؤدي سنة الصلاة، لكنه، في لحظة سكون، تعثر وسقط أرضًا، وهرع المصلون إليه، يحدوهم الأمل في إسعافه، ليكتشفوا أن روحه قد صعدت إلى بارئها في خاتمة يحلم بها كل مؤمن.
أهالي الضبعة، الذين عرفوا الحاج حميدة عن قرب، لم يجدوا وصفًا يليق به سوى "الصابر المحتسب"، فقد كان، رغم عاهة البصر التي لازمته سنوات طويلة، رمزًا للالتزام الديني، يحرص على أداء صلاة الجماعة ويصدح بصوته العذب في رفع الأذان، ليملأ المسجد حياة وروحانية، ولم يكن حضوره عاديًا، بل كان بمثابة منارة تهدي الجميع إلى طريق الإيمان.
على منصات التواصل الاجتماعي، انهالت كلمات الرثاء والإشادة من أبناء المدينة، الذين وصفوه بـ"القلب الكبير"، وكان الحاج حميدة يحمل محبة صادقة للجميع، يسأل عن الغائبين، يزور المرضى، ويفتح ذراعيه للحديث مع الجميع بابتسامة لا تفارقه، و"صديق الجميع"، هكذا أسموه، لأنه كان يحفظ مكانة كل من عرفه في قلبه.
خاتمة الحاج حميدة لم تكن مجرد لحظة عابرة، بل قصة إلهام تروي كيف يمكن للإيمان أن يضيء الدروب مهما اشتدت الظلمات، وكيف يبقى الأثر الطيب شاهدًا على حياة عاشت لله وللناس.