من الوداد البيضاوي إلى الأكاديميات.. حمزة الصنعاني وبصمته في نهضة الكرة المغربية


في قلب نادي الوداد البيضاوي، أحد أعمدة الكرة المغربية، بزغ حلم طفل صغير بالكاد بلغ الرابعة من عمره، اسمه حمزة الصنعاني، لم تكن علاقته بكرة القدم مجرد هواية عابرة، بل امتدادًا لإرث عائلي متجذر، ورثه عن والده محمد الصنعاني، الذي حمل ألوان الوداد في ستينيات القرن الماضي، ومنذ خطواته الأولى داخل المستطيل الأخضر، أظهر حمزة موهبة فذة، صقلتها بيئة رياضية محفزة ومجموعة من المدربين المخضرمين، ليبدأ رحلة طويلة من الشغف والاحتراف، قادته لاحقًا إلى ميدان التدريب، حيث وجد شغفًا من نوع آخر، بناء جيل جديد من اللاعبين يحملون الروح نفسها التي رافقته منذ الصغر.
التحق حمزة بنادي الوداد، حيث تلقى أولى خطواته الكروية تحت إشراف مدربين محترفين أبرزهم باكيلي وبنعبيشة، ووسط بيئة كروية ساعدت على تفجّر موهبته، كان الكل يتنبأ له بمستقبل كبير، ونجمه سطع مبكرًا في الفئات الصغرى، إذ تميز بأسلوب لعبه الجماعي وقدرته على قراءة الملعب بذكاء نادر، وبعد سنوات من اللعب، وجد حمزة نفسه مدفوعًا نحو عالم التدريب، ليس لأنه فقد الشغف باللعب، بل لأنه أراد أن يمنح هذا الشغف لأجيال جديدة.
اليوم، حمزة الصنعاني يشق طريقه بثبات كمدرب في نادي نجم الشباب الرياضي البيضاوي، أحد أعرق أندية العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء، والذي تأسس سنة 1942، في هذا النادي الذي يحمل تاريخًا طويلًا في الساحة الرياضية المغربية، يعمل حمزة على صقل مهارات لاعبيه، وغرس مبادئ الالتزام والروح الجماعية، تمامًا كما تعلمها هو في بداياته.
لم يتخل حمزة عن حلمه، بل حمله معه أينما ذهب، وحوله إلى رؤية أكبر، أن يكون جزءًا من بناء كرة قدم مغربية حديثة، قائمة على القيم والانضباط، وهو اليوم يمثل نموذجًا لجيل جديد من المدربين الشباب الذين يجمعون بين التجربة والطموح، وبين الوفاء للأصول والرغبة في التجديد.
تأتي مسيرة حمزة الصنعاني في سياق نهضة كروية متسارعة يشهدها المغرب في السنوات الأخيرة، حيث شهدت كرة القدم المغربية قفزة نوعية على المستويين المحلي والدولي، سواء من خلال النتائج البارزة للمنتخبات الوطنية، أو عبر تطور البنية التحتية وتحديث الأكاديميات ومراكز التكوين، وقد لعبت هذه النهضة دورًا مهمًا في فتح المجال أمام الطاقات الشابة، سواء من اللاعبين أوالمدربين، لبناء مسارات مهنية واعدة، قائمة على الاحتراف والانضباط، في هذا الإطار، يبرز حمزة كأحد رموز هذا الجيل الصاعد، الذي يسعى إلى ترجمة هذه الطفرة الكروية إلى واقع ملموس داخل الملاعب وأروقة الأكاديميات.