محمد الباسوسي يكتب: حرية الإبداع وحرية الإنفلات

تعلمنا من الأساتذة الكبار الذين علمونا السينما أن الشر قبح ..وعشان نصور القبح والناس تحسه قوى لازم نصوره بجمالياته ونخللى خيال المشاهد يشوف معانا اللى مش قادرين نقوله .. تخيلوا مسلسل بيتكلم عن قضية قذرة للتحرش وهتك عرض أطفال لاتجد فيه لفظ واحد يخدش حياء الكبير أو الصغير ..

مسلسل بيتكلم عن قضايا مخفية بحياتنا وان البطلة تواجة المجتمع وتحكي اللى حصل لها وهى صغيرة وماتخافش .. المتحرش القذر اللى وصل بيه الأمر انه يجنن مراته ويتحرش بإبنته ولانجد لفظ واحد خادش للحياء فنحن أمام نص إحترافى عالى الجودة وأمام مخرج فاق الجودة بتوظيف كل العناصر لديه وادواته كمخرج وأولها إدارة الممثليين كلهم ..

أعترف إنى أول مرة أشوف عمل كامل للنجمة أمينة خليل .. بجد إحنا عندنا ممثلة عالمية .. طفل بيمثل دور من أصعب مايمكن علشان يدينا كل هذة المشاعر الصعبة فإحنا قدام مخرج عظيم، وفريق عمل قدر يحتوى هذا النجم، الصغير .. أحمد السعدنى بمشاعره كرجل خائن وتحوله المنطقى للعودة حينما إستشعر الخطر على ولديه وبيته .. آسيل أم يوسف هادئة وبسيطة فى أول مشاهداتى لها كممثلة ... يسرا اللوزي التى تخلت عن المكياج والجمال وكل شىء من أجل هذا الأداء لشخصية المريضة النفسية المقهورة ..

صفاء الطوخي الأم التى تدافع عن إبنها التى تخلت عنه ولكنها تركته خلف باب الشقة يواجه مصيرة عندما تأكدت انه مذنب ولكنها ظلت تتابع ... الإبنة الصغيرة إبنه يسرا اللوزي ممثلة واعدة تكرهة امها ونحن نشك فى شىء ولكن لم نكن نتخيل ماجاء بالنهاية وأيضا بدون كلمة واحدة تخدش الحياء .. ظهرت وقد قالت لنا كل شىء ولم تبوح بكلمة واحدة سوى أنها حضنت يوسف الصغير المعتدى عليه وبكت وهى تعتذر له على ماحدث له.

الموسيقى التصويرية تشعر أنها من نسيج المشاهد ذاتها وكأنهما ولدا سويا فى وقت واحد .. التصوير والإضاءة المعبرة عن كل حالة من حالات الأبطال .. وأخيراً وليس آخرا إننا أمام عمل إبداعى عظيم ومناقشة قضية مسكوت عنها بمجتمعاتنا العربية كلها ومازلت أصر على أنه بدون كلمة واحدة تخدش الحياء وبدون لقطة سينمائية تخدش حياء أعيننا ..

وهذا هو الفرق فى المسؤلية بين حرية الإبداع الحقيقية اللى هتلاقيها عند المبدعين اللى بجد .. وبين حرية الإبداع المذبوحة على أعتاب أنصاف الموهوبيين والمدعيين .

تحياة خاصة لقائدة فريق عمل الكتابة الفنانة المبدعة مريم ناعوم ويستاهل ان عمل زى ده يستغرق ٤ سنيين .. وتحية خاصة أيضا للمخرج الكبير الشاب كريم الشناوى ولكل فريق عمل لام شمسية .

ومعذرة لو كنت نسيت حد لأن ده انطباعاتى الشخصية بعد ماشفت آخر ٥ حلقات لانى شفت المسلسل كله على ٣ مرات.. تحية لكل نجوم الشرف وأخص بالذكر الأستاذ كمال ابو ريه وأداءه المميز الطبيعى لدور القاضى.