العلكة، متعة يومية تخفي قنابل بلاستيكية دقيقة تهدد صحتك


بينما ينظر كثيرون إلى مضغ العلكة كعادة مسلية أو وسيلة لتخفيف التوتر وإنعاش الفم، تكشف دراسة علمية حديثة عن وجه آخر خفي ومفزع لهذه العادة اليومية، حيث أظهرت النتائج أن العلكة -سواء الطبيعية أو المصنعة- قد تطلق مئات الجزيئات من البلاستيك الدقيق داخل الفم، ما قد يؤدي إلى تراكمها في الجسم، مسببة أضرارًا صحية خطيرة على المدى الطويل.
ووفقًا لما أورده تقرير نشره موقع Times of India، فإن مضغ اللبان يُعد من المصادر غير المتوقعة لتسلل البلاستيك النانوي إلى أجسامنا، حيث أظهرت الأبحاث أن اللعاب قد يحمل بعد المضغ مئات القطع البلاستيكية الدقيقة التي تنفصل من العلكة، وتتجه إلى أعضاء الجسم الحيوية.
رغم أن الدراسات السابقة امتدحت اللبان الخالي من السكر لفوائده في تقليل التوتر، وتحسين الهضم، وصحة الفم، إلا أن المفاجأة الصادمة كانت في كونه أحد أسباب التلوث البلاستيكي الداخلي، فهذه الجزيئات التي لا يتعدى قطرها خمسة ملليمترات، لا تقتصر أضرارها على البيئة فقط، بل تتسلل إلى الرئتين والدم والكلى والكبد وحتى المخ، وفقًا لما توصلت إليه دراسة نُشرت في مجلة Nature Medicine.
ملعقة بلاستيك في دماغك؟ الأمر ليس خيالًا علميًا
كشفت الدراسة أن المخ قد يحتوي على ما يعادل 7 جرامات من البلاستيك الدقيق، أي ما يقارب ملعقة بلاستيكية كاملة، وهي كمية كافية لإثارة القلق بشأن الأثر التراكمي لهذه الجسيمات، خاصةً أن الأبحاث أثبتت أنها تسبب التهابات مزمنة، وتُضعف الخلايا، وتؤثر على كفاءة الجهاز المناعي، وترتبط بزيادة فرص الإصابة بأمراض القلب، والسكتات الدماغية، وبعض أنواع السرطان.
البلاستيك في العلكة الطبيعي لا يختلف كثيرًا عن الصناعي
ربما يظن البعض أن العلكة الطبيعية أكثر أمانًا من نظيرتها الصناعية، إلا أن دراسة أجراها باحثون بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس نسفت هذا التصور، حيث توصلوا إلى أن النوعين يطلقان كميات متقاربة من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة عند المضغ.
وشملت الدراسة مضغ مشارك واحد لسبع قطع من عشر علامات تجارية مختلفة (خمس طبيعية وخمس صناعية)، وتم تحليل عينات من لعابه بعد كل تجربة. وكانت النتائج مدهشة، إذ أطلقت بعض العينات ما يصل إلى 600 جزيء بلاستيكي لكل جرام من العلكة، في حين بلغ متوسط الانبعاث نحو 100 جزيء.
وحسب تقديرات الباحثين، فإن مضغ قطعة علكة تزن 6 جرامات قد يحرر حوالي 3000 جزيء بلاستيكي، ما يعني أن الشخص الذي يستهلك ما بين 160 إلى 180 قطعة سنويًا قد يبتلع أكثر من 30 ألف جزيء من البلاستيك النانوي سنويًا.
كيف نقلل من هذه الجسيمات؟ خطوات بسيطة بآثار كبيرة
أوصت الدراسة ببعض الإجراءات للحد من التعرض لهذه الجزيئات، أبرزها تقليل عدد قطع العلكة اليومية، والاكتفاء بمضغها لفترات أطول، حيث أظهرت التجارب أن معظم الجسيمات تنطلق خلال أول دقيقتين فقط، كما شدد الباحثون على أهمية التخلص من العلكة في الأماكن المخصصة لذلك، إذ أن العلكة المهملة تشكل طبقة جديدة من التلوث البيئي.
ويبدو أن التأثير لا يقتصر على التلوث أو الأعضاء الحيوية، فقد عرضت دراسة أخرى خلال المؤتمر السنوي للكلية الأمريكية لأمراض القلب، نتائج تشير إلى أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة ترتبط بشكل وثيق بالإصابة بأمراض القلب المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري، والسكتات القلبية والدماغية.