وفاء يدوم لثمانية عقود، رحيل امرأة صينية بعد انتظار زوجها المفقود في الحرب


رحلت عن عالمنا امرأة صينية تبلغ من العمر 103 سنوات، بعد أن أمضت أكثر من ثمانين عامًا في انتظار عودة زوجها المفقود منذ الحرب، توفيت "دو هوتشن" في منزلها الواقع بمقاطعة قويتشو في جنوب غرب الصين، وذلك في 8 مارس الجاري، وفقًا لما نشرته عائلتها في إعلان الوفاة، دون ذكر تفاصيل عن سبب رحيلها.
عاشت "دو هوتشن" حتى أيامها الأخيرة تحمل بين يديها غطاء وسادة قديم يعود إلى يوم زفافها الذي تم في عام 1940، في تعبير رمزي عن وفائها لزوجها الراحل "هوانغ جونفو"، الذي كان يصغرها بثلاث سنوات، وبعد زواجهما بفترة قصيرة، التحق "هوانغ" بجيش الكومينتانغ وغادر إلى ساحات المعارك في أرجاء البلاد.
في عام 1943، التقت "دو" بزوجها مجددًا وقضت معه فترة قصيرة أثناء تأديته خدمته العسكرية، لكنها سرعان ما عادت إلى الوطن وهي حامل، وأنجبت ابنهما "هوانغ فاشانغ" في يناير 1944، وبعد أيام قليلة عاد "هوانغ" لزيارة الأسرة وتنظيم جنازة والدته، ولكنه غادر المنزل بعدها للعودة إلى الجيش، ومنذ ذلك الحين، لم تراه "دو" مجددًا.
طوال السنوات اللاحقة، كانت الرسائل هي الوسيلة الوحيدة التي تصل "دو" من زوجها، وكانت آخر رسالة تلقّتها منه مؤرخة في 15 يناير 1952، حيث كتب فيها: "من أجل مستقبل فاشانغ، عليك أن تجعليه يولي أهمية للتعليم رغم الفقر، وسنلتقي مجددًا يومًا ما"، والرسالة الأخيرة كانت تحمل تلميحًا بأنه كان يعمل في شركة بناء في ماليزيا.
في غيابه، تحملت "دو هوتشن" مسؤولية الأسرة بعملها في الزراعة ونسج الصنادل والقش، ورفضت جميع عروض الزواج التي قدمت لها، مؤمنة بأن زوجها قد يعود في يوم من الأيام، وتقول حفيدتها: "جدتي كانت أمية، لكنها دائمًا ما كانت تحتفظ بروح متفائلة، وحثّت والدي وأعمامي على العمل بجد والمساهمة في بناء الوطن".
ابنها "هوانغ فاشانغ" نجح في أن يصبح معلمًا في السبعينيات بعد منافسة شرسة مع مئات المتقدمين، لكنه توفي عام 2022، ورغم محاولات الأسرة الحثيثة للعثور على "هوانغ جونفو"، سواء عبر الإعلانات أو بمساعدة وكالات خارجية، لم تكلل جهودهم بالنجاح، وتشير الوثائق الحكومية إلى أن "هوانغ" قد استقر في ماليزيا عام 1950 قبل أن ينتقل إلى سنغافورة، لكن لم تتوافر أي معلومات أخرى عنه.
وتروي حفيدته "هوانغ ليينغ" أن جدتها بدت وكأنها رحلت بسلام، ربما لأنها رأت رؤيا جمعتها أخيرًا بزوجها الذي انتظرته طوال حياتها، وأكدت أن العائلة ستستمر في البحث عن "هوانغ" وأحفاده، تكريمًا لرغبة "دو" التي حملت هذا الأمل حتى النهاية.