ماجدة موريس تكتب: لا أرض أخرى


توجت جائزة الأوسكار منذ ايام قليلة فيلم (لا ارض أخري ) كأفضل فيلم وثائقي عن العام ٢٠٢٤، ليؤكد الفن ،للمرة المليون ،أنه أفضل وسيلة تعبير عن الحياة ،والواقع ، وهو ما قدمه هذا الفيلم الفلسطيني من خلال طرح هموم مخرجه (باسل العدرا )ومعاناته منذ طفولته من التهجير القسري هو وعائلته من مكان لمكان ،وهو ما تمارسه قوات الاحتلال الاسرائيليةمع أهله في منطقة يطا التي تقع في الضفة الغربية ،وتضم ١٩قرية ،وحيث أعلنت أسرائيل فجأة استقطاعها للمنطقة بكاملها وتخصيصها للتدريبات العسكرية لجيشها ،وعلي سكانها تركها الي مناطق اخري للعيش فيها ،وهي كارثة حلت بآلاف العائلات والسكان ،وتهجير قسري حرم العائلات والأفراد من البقاء الآمن في ارضهم ،وهو ما يقدمه الفيلم الذي شارك في أخراجه للنور آخرين مع (باسل العدرا) هم (حمدان بلال) (ويوفال ابراهيم) ،و( راحيل تسور) وهو شاب اسرائيلي داعم للقضية الفلسطينية ،والأربعة عملوا علي الفيلم منذ سنوات (اي قبل ٧اكتوبر )في محاولة لتسجيل الاعتداءات المستمرة علي الشعب الفلسطيني من قوات الاحتلال ومن المستوطنين الاسرائيليين والتي لم تتوقف عن محاولات إخراجه من ارضه وتطهيرها منه ،الفيلم الذي صور علي مدي خمس سنوات (٢٠١٩-٢٠٢٣)عرض للمرة الاولي في مهرجان برلين السينمائي الدولي في ١٢فبراير من العام الماضي ،وحصل علي جائزتين هما جائزة برلين لافضل فيلم وثائقي وجائزة (الفيلم الأوروبي )لافضل وثائقي،وفي يناير من العام الحالي رشح لجوائز الأوسكار الأمريكية السابعة والتسعين ليحصل علي الجائزة مساء الاحد الماضي الثاني من يناير ،وليدفع وزير الثقافة الاسرائيلي الي اطلاق تصريحات غاضبة في القناة الرابعة عشرة الإسرائيلية من نوع ( أنه يوم حزين لاسرائيل ) وأن (صناع الفيلم اختاروا رواية حكايات ملفقة بدلا من عرض تعقيدات الواقع ) ،،وهكذا جاءت التصريحات الغاضبة لحكومة احتلال متوحشة لم تتوقف عن ضرب الفلسطينيين ومحاولات تهجيرهم منذ سبعين عاما ،وحتي اليوم ،لكنها لن تستطيع ان توقفهم عن التعبير عن آلامهم بصناعة الافلام التي تقدم للعالم ما يحدث لهم كل يوم .
من المكان صفر
لم يكن فيلم (لا ارض اخري ) الذي تبلغ مدته ٩٥دقيقة هو الفيلم الفلسطيني الاول الذي يصل الي أبواب جوائز الأوسكار ،ففي نفس هذا العام ٢٠٢٤، وصلت اليه مجموعة من الافلام الفلسطينية القصيرة رأيناها في مهرجان القاهرةالسينمائي الدولي في نوفمبر الماضي بعنوان (من المكان صفر )أخرجها مجموعة من صناع الافلام الشباب عن كل ما يتعلق بغزة ،وصوروها أثناء الحرب ،افلام عن التضييق علي حياة الغزاويين في بيوتهم ،وشوارعهم ،وحتي علي البحر والصيد ،ومداهمات تطول المواطن في اي لحظة ،ولأي سبب ،وقد اشرف علي هذه المجموعة (تضمنت ٢٢فيلما قصيرا ،وقصيرا جدا )المخرج الفلسطيني الكبير رشيد المشهراوي ،الذي قدم ايضا فيلما جديدا عن ما يحدث في وطنه المحتل بعنوان (أحلام عابرة )ليضيفه الي أعماله السابقة المهمة والتي رأيناها في مصر وحصل بعضها علي جوائز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي مثل فيلم (حتي إشعار آخر )، ولا اظن محبي السينما في مصر ينسون الافلام الفلسطينية المهمة والرائعة التي رأيناها عبر مهرجاناتنا ،وعرفنا خلالها اسماء مبدعين ومبدعات كبار من فلسطين امثال مصطفي ابو علي في البدايات ثم ميشيل خليفي ،وايليا سليمان وكمال الجعفري وهاني ابو اسعد وغيرهم ،ومن المخرجات المبدعات نبيهة لطفي ،وعلياء ارصوغلي ،وآن ماري جاسر وعرب لطفي ومي المصري ونجوي نجار وغيرهم ،،ليثبتوا انهم حراس التاريخ والأرض التي يسعي المحتل لمحوها. ،وهذا هو الفن حين يكون جزئا من المقاومة للظلم والعنف والاحتلال وحين يقدم للعالم الأدلة علي التاريخ الطويل للوطن ضد الدعوات الي تهجير أهله من ارضهم وبيوتهم ليأخذ مكانهم آخرون .