المأساة المنسية.. قصة التهجير القسري للمغاربة عام 1975


يعد التهجير القسري من أبشع الجرائم التي ترتكب في حق الإنسانية، حيث كان ولايزال إحدى أقسى صور الظلم التي عانت منه العديد من الدول وفي مقدمتها فلسطين، فقد حول الإحتلال الإسرائيلي أراضيهم إلى ساحة للاستيطان والتشريد، غير أن فلسطين ليست الوحيدة التي عانت من هذه المأساة، فالمغرب عاش مشاهد مشابهة عندما نفذت السلطات الجزائرية عام 1975 عملية تهجير قسري في حق أكثر من 45 الف عائلة مغربية، حيث تم اقتحام منازلهم وإجبارهم على مغادرة الأراضي الجزائرية دون السماح لهم بأخذ ممتلكاتهم أو أموالهم وكانت هذه خطوة انتقامية بسبب قضية الصحراء المغربية.
القصة بدأت عندما أعلن المغرب عن تنظيم المسيرة الخضراء، هذه الخطوة المفاجأة حقق المغرب من خلالها انتصارا دبلوماسيا كبيرا مكنه من استرجاع أقاليمه الجنوبية بطريقة سلمية، وفي صبيحة عيد الأضحى 18 ديسمبر 1975، وبينما كان العالم العربي يستعد للاحتفال بشعيرة عيد الأضحى، قامت السلطات الجزائرية بطرد نحو 350 الف مغربي وشمل الطرد نساء وأطفالا وشيوخا، كانت مشاهد "نزوح" العائلات المغربية بأطفالها الذين ولدوا في الجزائر وهم يفترشون الأرض تملأ الصحف والجرائد العالمية.
لم تشفع مشاركة المغاربة في ثورة تحرير الجزائر الذين ساهموا بالغالي والنفيس، وشكلوا إلى جانب الشعب الجزائري النواة الأساسية لمقاومة الاستعمار وقدموا المئات من الشهداء، بالإضافة إلى دورهم فعالا في تنمية اقتصاد البلاد بعد الاستقلال، إذ كانوا يمارسون التجارة والفلاحة وغيرهن من المهن، لكن كل هذه التضحيات لم تشفع لهذه العائلات أمام هذا القرار الجائر الذي ينم عن حقد دفين وانتقام من استرجاع المغرب وحدته الترابية.
اقرأ أيضاً
تعتبر عملية التهجير جريمة ضد الإنسانية وفقا للقانون الدولي، حيث ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف على حظر الطرد الجماعي والتشريد القسري، ورغم ذلك لم تتخذ أي منظمة دولية إجراءات فعلية لمحاسبة الجزائر أو الضغط عليها لتعويض المتضررين، كما لم يتم حل الملف رسميا رغم مطالبات جمعيات حقوقية في المغرب بفتح تحقيق دولي وإعادة الممتلكات أو دفع تعويضات عادلة للضحايا.
تمثل جريمة تهجير 45 ألف عائلة مغربية من الجزائر عام 1975 واحدة من أكبر الانتهاكات الإنسانية في شمال إفريقيا، ورغم مرور عقود على هذه المأساة، لايزال الضحايا وأحفادهم يعانون من آثارها وسط غياب العدالة الدولية وعدم محاسبة المسؤولين عنها.