ماجدة موريس تكتب: مقعد بين شاشتين


من حكيم سانت كاترين ،،الي مسافر الجنوب
لم ينتظر كثيرا وهو يري أفواج الناس تهل علي ميدان التحرير و،تقرر ان يكون لها رأيها في احداث وطنها ،فقرر ان يسجل هذا ،وان يضيف الي أفلامه التسجيلية فيلما جديدا يوثق احداث الثورة ،ويكمل شغفه بالتفاعل بين المكان والزمان والناس كما قدمه في افلام مثل (حكيم سانت كاترين ) و(صيد العصاري ) و(.حديث الصمت ) واخيراً فيلمه عن ثورة ٢٠١١ (الشهيد والميدان ) ولهذا استحقّ المخرج الكبير( علي الغازولي )أهداء دورة مهرجان الاسماعيلية الأخيرة اليه ،وتكريمه هو وخمسة من كبار صناع السينما التسجيلية والقصيرة من بينهم (سمير عوف )المخرج الذي زامل شادي عبد السلام في رحلته ،وكان المخرج الثاني لفيلم (المومياء) الذي اخترق العالم ليقدم للكل عشاق السينما فيه رؤية للحضارة المصرية العريقة من خلال قصة الشاب ونيس (الممثل احمد مرعي )الذي رفض بيع الأثار وكشف عن مكان الخبيئة الممتلئة بالآثار ، بجانب افلام مهمة قدمها منها (مسافر للشمال مسافر للجنوب ) و(وجهان في الفضاء)وكان آخر افلامه هو (ايام الراديو )عام ٢٠٠٩عن قصة الاذاعة المصرية ،اما مدير التصوير السينمائي الكبير (ماهر راضي ) فقد علم اجيال من العاملين بالسينما الان من خلال عمله كأستاذ للإضاءة والتصوير السينمائي ،ومن خلال اهتمامه بفلسفة فنون السينما التي حصل من خلالها علي الدكتوراه بعد رحلة طويلة بدأت بمحبة التصوير الفوتوغرافي والعمل به قبل ان يتحول للعمل في السينما ولاستكمال شغفه بكل ما يخص فن التصوير السينمائي ، ومن هنا قررت رئيسة المهرجان لهذه الدورة المخرجة هالة جلال أن تعبر عن تقديرها لهذه الأسماء التي قدمت ابداع سابق ومميز وهي تفتح أبوابها للاجيال الجديدة من المبدعين وتطرح أساليبهم ورؤاهم لنا كجمهور من خلال أفلامهم ، وهو ما رأيناه عبر مسابقات للفيلم الطويل والقصير واختيارات لأفلام مهمة من العالم اليوم وتقديم لاعمال (النجوم الجدد )من صناع هذه السينما التي تزداد اهميتها يوم بعد يوم ،والتي نأمل ان نراها في برامج علي شاشاتنا التليفزيونية لتصل الي ملايين المشاهدين وتقدم لهم وجها مهما للفن المرئي أضافة الي الافلام الروائية الطويلة والمسلسلات .
تل الزعتر،،لان الجذور لا تموت
لان الفن ليس له وطن ،فقد كرم المهرجان المخرجة القديرة (نبيهة لطفي) هي ومخرجتان من اهم مخرجات السينما في مصر هما (عطيات الأبنودي ) و(تهاني راشد )وجميعهن من نفس الجيل تقريبا ،لكن التفاصيل تختلف،فقد جاءت نبيهة لطفي من لبنان بعد ان طردتها الجامعة الأمريكية ببيروت التي كانت طالبة بها لخروجها في مظاهرة احتجاجية ،وفي مصر التحقت بمعهد السينما في بدايته وتخرجت عام١٩٦٤لتبدأ العمل كمساعدة للأفلام الروائية قبل ان تبدأ في صناعة افلام اختارت ان تكون تسجيلية ،فقدمت افلام (لعب عيال ) ،و(صلاة من وحي مصر العتيقة )(شارع محمد علي )وغيرها ،وعادت للبنان لتقدم فيلمها المهم عن مخيمات اللجوء الفلسطيني في شرق بيروت (تل الزعتر ،لان الجذور لا تموت ) ،وكانت دائما تبحث عن اجابات لافكار تشغلها ،وحين اتجهت لتقديم فيلم عن فنانة اختارت تحية كاريوكا التي عرفتها مؤخرا وذهبت اليها مع الكاتب اللبناني الشهير إدوارد سعيد الذي اعتبرها فنانة عالمية من طراز نادر ،،
أغنية توجة الحزينة
من (أغنية توجة الحزينة )،الي( حصان الطين ) اصبحت عطيات الأبنودي اسم كبير في مهرجانات السينما الدولية ،ونجمة للافلام التسجيلية التي توثق حياة البسطاء في مصر ،من الصعيد لبحري ،فقد حصل (اغنية توحة الحزينة ) علي ذهبية مهرجان ڤالنسيا الاسباني ،بينما حصل (حصان الطين) الذي يقدم ألعاب أطفال القري المصريين علي جوائز مهرجانات جرينوبل الفرنسي ومانهايم الألماني وقليبي التونسي ،وغيرهما قدمت عطيات افلام اخري مهمة مثل (سوق الكانتو ) و(الأحلام الممكنة ) و(نساء مسؤولات ) و(إيقاع الحياة ،الساندويتش ،أحلام الناس )،وبعدها قدمت (حديث الغرفة رقم ٨) و(أيام الديمقراطية)وأعمال اخري مهمةجعلتها المخرجة الأكثر قربا من أحلام الناس .
البنات دول،
البنات دول ،،هو اسم فيلم المخرجة( تهاني راشد) آخر المكرمات في مهرجان الإسماعيلية ،ولقد قدمت راشد افلام عديدة غيره منها فيلم عن المرأة الفلسطينية وحياتها وما تتعرض له هي وجيرانها واهلها في مدينة رام الله بالضفة الغربية في ظل حظر التجول المفروض من خلال غارات اسرائيل المستمرة علي المدينة ،وقد عرض الفيلم عام ٢٠٠٤،وفي عام ٢٠١٢ قدمت فيلمها (جيران )عن الثورة المصرية ، وبلغ عدد افلامها العشرين فيلما عرضت في اماكن كثيرة من العالم ،لكن يبرز بينهم فيلم (البنات دول )الذي أخرجته عام ٢٠٠٦وعرض في مهرجان كان ٢٠٠٧وحصل علي اهتمام وتقدير كبير ،خاصة حين عرض في مصر في نفس العام،لاهمية ما طرحه حول حياة الفتيات اللواتي تخلي عنهن اهلهن لاسباب عديدة واصبح لقبهم (بنات الشوارع ) والفيلم لا يطرح فقط اسئلة من نوع كيف حدث هذا ؟ولماذا ؟ ولكنه يطرح الحياة في الشارع ،،وما تعطيه لهن ،وما تتعلمه كل بنت مما تراه ،وتلاحظه ،او ممن يلاحقها ،او يحاول أذيتها،وكيف تدافع عن نفسها ،او كيف يكون الرد ،مرورا بسيدة طيبة كانت تسعي الي مساعدة الفتيات ودعمهن ،فيلم قوي وعميق وصادم يصور تحولات هؤلاء الفتيات بعد الحياة في الشارع ومواطن الضعف والقوة لديهن ومدي الظلم الذي تتعرضن له في اماكن بلا غطاء وحياة بلا مستقبل .