الأربعاء 12 فبراير 2025 05:54 صـ 13 شعبان 1446هـ
أنا حوا

رئيس التحرير محمد الغيطي

المدير العام منى باروما

يحدث الآن
فنون وثقافة

السيناريست عماد النشار يكتب: مُثقَّفُونَ: أَحْمَدُ زِي الحَاجِ أَحْمَد!

السيناريست عماد النشار
السيناريست عماد النشار

المثقفون حائرون، يفكرون، يتساءلون في جنون: هو أحمد زي الحاج أحمد!

هذا هو لسان حال المثقفين في جلساتهم الخاصة وصفاحتهم الشخصية ومنابرهم الإعلامية بعد مرور خمسة أشهر من تولي الدكتور أحمد هنو حقيبة الثقافة التي أكل عليها الدهر وشرب في "صحة" القيادات المتعاقبة التي لم تبقي من الثقافة إلا "اليافطة" لزوم اللقطة والوجاهة المزعومة والامتيازات التي تخطت كنوز مغارة علي بابا.

فمع تولي هنو الوزارة وجدوا فيه الشاب الأكاديمي المفعم بالحماس القادر على إحداث انقلاب ثقافي داخل الوزارة، يكون على مستوى التصريحات التي أطلقها ، واستبشر المثقفون خيرًا، وظنوا – وبعض الظنّ إثم – أنه سيحمل مشعل التغيير، يعيد الهيبة لقطاع ثقافي أنهكته سنوات من الركود، ينتشل المثقفين من حالة التهميش التي تحوّلت إلى قدر محتوم. لكن سرعان ما تبدّدت الأحلام، إذ لم يأتِ الوزير إلا بحفلات تكريم متلاحقة، كأن الثقافة لم يعد لها من دور سوى توزيع الدروع وشهادات التقدير.

المفارقة الكبرى أن بعض هؤلاء المكرمين كانوا جزءًا من أزمة الثقافة نفسها، أسماءً تربّعت على عرش المشهد الثقافي لا بالكفاءة والإبداع، بل بفعل العلاقات العامة والمناصب التي تُمنح بالمجاملات. كيف يمكن للمؤسسات الثقافية أن تتقدم إذا كانت تكافئ أولئك الذين فشلوا في النهوض بها؟.

في أساطير قبائل الهنود الحمر، حين كان الحصان يموت، لم يكن أصحابه يعترفون بأنه صار مجرد جثة هامدة، بل كانوا يصرّون على أنه ما زال قادرًا على الركض، فقط يحتاج إلى بعض التعديلات! فيجرّبون تغيير السرج، فإن لم يتحرك، غيروا نوع العلف، وإن ظلّ ممددًا بلا حراك، ضاعفوا له قطعة السكر، ثم جلسوا في انتظار المعجزة! لكن الحصان الميت ظلّ كما هو… ميتًا، بينما هم يواصلون محاولاتهم العبثية في إنعاشه يوهمون الجميع أنها مجرد كبوة أصابت جوادهم الأصيل.

واليوم، يبدو المشهد الثقافي نسخة كربونية من تلك الأسطورة. حفلات تكريم لا قيمة لها، مبادرات لا يسمع عنها أحد، فعاليات خاوية بلا جمهور، والقيادات لا تزال مقتنعة بأن المشكلة في "السرج والعلف وكمية السكر"، لا في أن الحصان نفسه قد مات من فرط الإهمال! وعليهم أن يتحلوا بالكرم ويسرعوا بدفنه، يطلقون التصريحات، ينشرون صور الاجتماعات، يعلنون عن أنشطة لا يحضرها سوى الموظفون، ثم يرفعون تقاريرهم وكأنهم أعادوا إحياء الثقافة من العدم!
يا سادة، مهما جددتم السرج، ومهما أغرقتم الحصان في السكر، فلن يعود للحياة، والثقافة التي تُدار بهذه العقلية، لن تنهض أبدًا، بل ستظل جثة هامدة، ينظر إليها الجميع في أسى، بينما "الفرسان" يواصلون خداع أنفسهم بأنهم ما زالوا على صهوته!

حسب الإحصائيات الرسمية، يبلغ عدد قصور الثقافة التي تعمل رسميًا في مصر حوالي 500 قصر. ويُفاجأ الكثيرون عند معرفة أن عدد العاملين في هذه المؤسسات يبلغ حوالي 16 ألف موظف، أي ما يعادل نصف موظفي وزارة الثقافة بأكملها! أما الميزانية السنوية للوزارة، فهي تتجاوز الخمسة مليارات جنيه، يذهب 80% منها إلى بند الرواتب والمخصصات المالية.

وللأسف، في الوقت الذي يمكن فيه لقصر ثقافة واحد أن يُدار بكفاءة من قبل عدد أفراد فريق كرة قدم ، نجد أن العديد من هذه القصُور تحتوي على ما يصل إلى مدرج موظفين ، بدون مهام واضحة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول كيفية توزيع الموارد في هذا القطاع الحيوي.

ورغم ذلك، أعلن السيد الوزير في يناير الماضي أن عدد الفعاليات والأنشطة في 2024 بلغ 90 ألفًا، واستفاد منها – نظريًا – أكثر من أربعة ملايين مواطن. لكن الغريب أننا لم نرَ أثرًا لهذه الاستفادة،
وكأنها فاعليات مشفرة جرت وقائعها بالحبر السري.
وهذا يذكرنا بتلك النكتة عن قائد الطائرة الذي أعلن بفخر أن الرحلة حلّقت على ارتفاع 30 ألف قدم، ليرد عليه راكب ساخرًا: 'قول براحتك… هو حد هيعد وراك!

القيادات "أصحاب الحظوة" لا يبالون، يعلنون مبادرات كبرى، يطلقون مشاريع ثقافية بلا جمهور، يحصدون المكافآت، ثم يتباهون بصورهم كأنهم أخرجوا مكتبة الإسكندرية القديمة الغارقة من أعماق البحر! لا أحد يسأل: من استفاد؟ من حضر؟ ما الأثر الحقيقي؟ المهم أن الفعالية تمت… والصورة التذكارية جاهزة للنشر، و"تظبيط الشغل أهم من الشغل"!

إذا أراد الوزير أن يعرف حجم المأساة، فعليه مطالعة صفحة الوزارة الرسمية وصفحات قصور الثقافة. نظرة واحدة تكفي لاكتشاف كارثة حقيقية: لغة ركيكة، صياغة منفّرة، وسرد ممل… لا يليق بمؤسسة تُعنى بالثقافة! الأخبار بلا روح، والفعاليات تُقدَّم كبيانات رسمية لا تهم القارئ، والدعوات تفتقر للجاذبية… كأن القائمين عليها قرروا تنفير الجمهور بدلًا من اجتذابه!

أما الصور، فهي مأساة أخرى. ندوات بائسة، مقاعد شبه خاوية، جمهور معدود على أصابع اليد الواحدة، أغلبه من موظفي الفروع وأبنائهم. مشاهد تتكرر بلا خجل، وكأن الهدف ليس إنجاح الفعالية، بل فقط إثبات أنها "حدثت" ليحصل المسؤولون على مكافآتهم. كيف يُعقل أن صفحة رسمية لوزارة الثقافة تنشر صورًا تدعو للرثاء بدلًا من الفخر؟ هل هذه ثقافة أم جنازة؟

المفارقة الصادمة هنا، أنه بينما تبدو ندوات قصور الثقافة خاوية على عروشها، ومقاعدها مهجورة إلا من موظفيها، فإن المشهد يختلف تمامًا في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي تحوّل إلى تظاهرة ثقافية حقيقية تستحق الفخر. فقد تجاوز عدد زواره خمسة ملايين زائر في أقل من أسبوعين، والصورة "مابتكدبش" ،جاؤوا من كل محافظات ونجوع المحروسة، رغم تكاليف السفر وظروف المعيشة الصعبة.

بينما لا نرى 10% من هذا الرقم فعليًا على أرض الواقع، كإجمالي، لعدد حضور الفعاليات التي تقيمها قصور الثقافة المنتشرة في ربوع مصر على دفعات طول العام ، للندوات، والأمسيات ، والمكتبات التي من المفترض أن يرتادها الطلاب والكبار . إذا كان الملايين على استعداد لدفع المال وتحمل مشقة السفر لحضور معرض الكتاب، فلماذا تهجر الجماهير قصور الثقافة التي من المفترض أنها تقدم الأنشطة مجانًا؟

الإجابة واضحة: هذه القصور تحوّلت إلى مبانٍ بلا روح، إدارات بلا رؤية، أنشطة تُعلن ولا تُنفذ، ندوات أغلب الحضور موظفي الهيئة وأبنائهم لإكمال العدد أمام عدسات المصورين! وتستيف الورق أمام المسؤولين.

إذا كان الوزير جادًا في إنقاذ الثقافة، فعليه أن يبدأ من هنا: ما الذي يجعل الجمهور يبتعد عن قصور الثقافة؟ لماذا تهجرها العقول التي أثبتت حبها للقراءة والفكر؟ الإجابة ليست سرًا، بل صرخة تتردد منذ سنوات: الخلل في الإدارة، لا في الجمهور.
الثقافة ليست مجرد كتب ومعارض ومبادرات شكلية، إنها معركة البقاء الأخيرة. إما أن تُستغل الثقافة كأداة حيوية قادرة على التغيير، أو تُهمل لتصبح مجرد نشاط هامشي لا يسهم في تطور المجتمع. الكرة الآن في ملعب الوزير، فإما أن يُجري إصلاحًا حقيقيًا، أو يبقى الحصان الميت يرمقنا بسخرية ونحن نواصل الوهم بأن كل شيء على ما يرام!

السيناريست عماد النشار

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,520 شراء 3,543
عيار 22 بيع 3,227 شراء 3,248
عيار 21 بيع 3,080 شراء 3,100
عيار 18 بيع 2,640 شراء 2,657
الاونصة بيع 109,472 شراء 110,183
الجنيه الذهب بيع 24,640 شراء 24,800
الكيلو بيع 3,520,000 شراء 3,542,857
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الأربعاء 05:54 صـ
13 شعبان 1446 هـ 12 فبراير 2025 م
مصر
الفجر 05:10
الشروق 06:38
الظهر 12:09
العصر 15:17
المغرب 17:41
العشاء 18:59