محمد أبو المجد يكتب.. هذا المسلسل يخدش حياء الأسرة المصرية
مسلسل تصدر الترند، لكن يبدو أن صناعه لا ينتمون إلى مصر.. ولا يعرفون أنها بلد إسلامي، ودولة شرقية، لها عاداتها وتقاليدها، وقيمها الدينية والاجتماعية.. أغلب الاحتمالات أنهم من كوكب تاني! فمسلسلهم، أقل ما يوصم به أنه يخدش حياء الأسرة المصرية.
صناع مسلسل اسمه وتر حساس يُعرض هذه الأيام على بعض القنوات، يخجل الإنسانُ الطبيعيُّ من مشاهدته مع أبنائه.. بل ويخشى عليهم من عدوى بعض القيم التي يحاول بثها في جمهور المشاهدين.
هذا العمل الدرامي، غالبا هدفه الرئيسي هدم الأسرة، وتدمير العلاقات السوية بين الأقارب والأصهار، فهو يحفل بالعلاقات غير المشروعة، والأفكار غير السوية!
قضية الخيانة الزوجية
بطل المسلسل مهندس ديكور، لكنه مليونير، صنع منه المؤلف والمخرج سوبرمان، أو دونجوان، تتنافس النساء، في المسلسل طبعا، على الارتماء في أحضانه، رغم أنه متزوج من محامية شاطرة، تؤدي دورها الفنانة الجميلة إنجي المقدم.
وأنا لا أعرف اسم هذا الممثل، ولا أقتنع بأدائه، فلم أره إلا في مسلسل البرنس لمحمد رمضان، منذ أربع سنوات تقريبا، والغريب أنه في مسلسل محمد رمضان أقام علاقة غير مشروعة أيضا مع زوجة أخيه!!
المهم أن القضية الرئيسية للمسلسل هي الخيانة الزوجية، تخيلوا؟! لم تعد لدينا قضايا مهمة، تستحق أن تستحوز على الاهتمام سوى خيانة الزوج لزوجته، وخيانة الزوجة لزوجها.
غالب الظن أن المؤلفيْن (الاثنيْن) قاما بنقل الأحداث من مسلسل أجنبي، فمصر لا تعرف مثل تلك الترهات، وقرأت أن بطلات الحلقات خضعن لعمليات تجميلية، نالت انتقادا واسعا من جماهير المشاهدات، هذا بخلاف تباريهن في ارتداء الملابس التي بالكاد تستر ما يحرم الدين والمجتمع كشفه.
ماذا يريد صناع الدراما التليفزيونية، التي هي من أهم أدوات القوة الناعمة، وظلت مصر تتمتع بهذه القوة فترة طويلة من الزمن، إلى أن جاء هؤلاء وأمثالهم فضربوا الدراما في مقتل.
صارحني صديق من دولة عربية بأنه كان مرعوبا عندما زار مصر لأول مرة؛ والسبب المسلسلات التي كانت تظهر المصريين على أنهم بلطجية، ونصابون، وإلخ.. لكنه عندما عاشر المصريين واختبر الشارع المصري فوجئ بأن الصورة الذهنية التي تكونت لديه عن مصر، وراءها الدراما الهدامة، والتي تشوه الصورة الحقيقية لمصر والمصريين والمصريات.
تأثير المسلسلات التركية
دائما تنجح القوة الناعمة في تحقيق الأهداف دونما اللجوء إلى القوة العسكرية، ولاحظوا ما فعلته المسلسلات التركية في شبابنا وبناتنا.. الأعمال الدرامية، خاصة على الفضائيات، يفترض أن تعالج قضايا مجتمعية وتسلط الضوء عليها، لتعيد دور الفن في التوعية بالقضايا المجتمعية لحماية شبابنا وأبنائنا والحفاظ على قيم وأخلاقيات المجتمع المصري..
ومن الضروري الاهتمام البالغ بتوظيف فن الدراما ودعمه ضمن مصادر القوة الناعمة، لكي يساهم في تشكيل الوعي وترسيخ الهوية المصرية لدى الأطفال والشباب، وتعزز من انتمائهم وولائهم لوطنهم، مما يسهم في تشكيل وتكوين النشء وتعزيز الوعي لديهم وتثقيفهم وحمايتهم، بالإضافة إلى الحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز الشعور بالانتماء، ونشر الوعي حول القضايا الاجتماعية وتحفيز التغيير الإيجابي في المجتمع.
وتر حساس
ولكن ما يحدث في الدراما المصرية هو العكس للأسف الشديد.. ووتر حساس أقرب مثال.. فمفهوم القوة الناعمة عبر كتابات جوزيف ناي يرتبط ارتباطا وثيقا بالحقل السياسي، ففي أحد تعريفاته يرى جوزيف ناي أن القوة الناعمة هي القدرة على الحصول على ما تريد من خلال الجاذبية بدلا من الإكراه أو الدفع المادي. فهل هذه هي القوة الناعمة لمصر؟!
في دراسة للباحثة رانيا خضر، نشرتها عام 2020، بعنوان ملامح القوة الناعمة المصرية، استهدفت تقديم إطار نظري يستعرض موضوع القوة الناعمة من حيث المفهوم والأبعاد والمصادر، استفاضت في الحديث حول القوة الناعمة المصرية من حيث أهم المؤسسات الداعمة لها وأدواتها وتقييمها..
مؤكدة أن أهم المؤسسات الداعمة للقوة الناعمة المصرية هي وزارة الخارجية والجامع الأزهر، ولكن في حديثها عن جاذبية الثقافة المصرية كإحدى أدوات القوة الناعمة أشارت إلى أن الثقافة والفنون المصرية منذ بدايات القرن العشرين تعد مصدرا رئيسيا من مصادر القوة الناعمة في مصر. وفي إشارة أخرى، وبشكل شمولي دون التأكيد على الدارما المصرية..
تقول الباحثة: "فقد ساهم الكتاب والأدباء والمطربون الفنيون المصريون في تشكيل الوعي الجمعي للعرب، وكانت الصحف والمجلات الأدبية والعلمية مثل “الرسالة” و"الكاتب"، والسينما والمسرح وفن تلاوة القرآن مساهما رئيسيا في جعل مصر أمة لا غنى عنها في منطقة الوطن العربي".
الدراما التليفزيونية جعلت مصر تتجاوز محيطها الإقليمي، وتغزو العالم، ولكن، لشديد الأسف، فنحن، الآن، نتعرض لغزو من مجتمعات غريبة عن تقاليدنا وعاداتنا.