فريدة الشوباشي تكتب: «بحر بقر» فى غزة
نتابع بحزن عميق وثورة مزلزلة مشاهد الدمار الوحشى الذى ترتكبه إسرائيل فى قطاع غزة والذى يعتبر منهجا اسرائيليا يستحيل تصور امكانية تغيره.. وقد شاهد جيلى آثار الدمار والوحشية الإسرائيلية فى مآس عديدة منها مأساة مدرسة بحر البقر ومصنع ابو زعبل، فكان أطفال بحر البقر ضحايا قصف اسرائيلى متعمد لمدرسة أطفال مصريين مزقتهم قنابلها المدمرة ،ثم كان استهداف عمال مصنع ابوزعبل، وهو ما أقنع قطاعا واسعا من المصريين بأن اسرائيل ليست سوى أداة قتل وحشى للولايات المتحدة الامريكية التى لم يخف عداؤها للوطن العربى وفى القلب منه مصر، التى كما يقول الجميع، اذا هبطت، هبط معها الوطن العربى بأسره وحين تنهض وتحلق، نهض وحلق معها..
مرت عقود على هذه الأحداث الدامية وبالطبع لم تتوقف آلة الفتك والتدمير الاسرائيلية، لكن فى الأغلب بدون توثيقها بصور كما يحدث فى ظل التقدم التكنولوجى الآن.. نشاهد اذن ويشاهد معنا العالم بأسره أن الدولة التى قامت على اغتصاب جزء من الوطن الفلسطينى وطرد أبنائه بحيث يتحولوا الى لاجئين، بينما احتل مساكنهم، أوروبيون وأمريكان وآسيويون وأفارقة وعرب ينتمون إلى الديانة اليهودية، ونعرف جميعا الخدعة البريطانية بوعد بلفور، والذى وصفه الزعيم جمال عبدالناصر بأنه» قد أعطى من لا يملك وعدا لمن لا يستحق».. وفى ظنى وليس كل الظن إثما، ان مرحلة الحرب الوحشية التى تشنها اسرائيل وبدعم ،وتشجيع أمريكى معيب،ضد قطاع غزة الآن،هو استكمال لمخطط، تضييق الخناق على مصر بعد ثورة يونيو، وإرغامها على استيعاب ملايين الفلسطينيين الذين تهجرهم اسرائيل، لتصفية القضية الفلسطينية واقامة إمبراطورية الدولة الصهيونية من الفرات الى النيل..واستشاط بايدن غضبا وطلب من عميله نيتانياهو، شن مجازر لم يسبق لها مثيل حتى فى ظروف حالكة، فشاهدنا ومعنا العالم بأسره، قصف المدارس والمستشفيات والمنازل ،أى استهداف المدنيين الفلسطينيين ،خاصة الأطفال والنساء العزل وأدمت قلوب، من لهم قلوب مشاهد استخراج الأطفال، والمرضى والمدنيين ممزقين من تحت أنقاض مساكنهم التى هدمها السلاح الامريكى بأدوات صهيونية وأشعلت نيران الحقد والقتل الجماعى لتهجير أبناء غزة الى شبه جزيرة سيناء المصرية وتصفية القضية الفلسطينية تصفية كاملة..
ومما يشيب له الولدان كما يقال، فإن الرئيس الأمريكى طلب من الكونجرس 14٫5 مليار دولار لمساعدة اسرائيل فى الدفاع عن نفسها(!!!) ضد المدنيين خاصة الأطفال منهم والنساء والمسنين الذين روت دماؤهم الزكية الشوارع والطرقات ..ان مشهد بحر البقر الدامى فى كل قطاع غزة ،كان له تأثير لم يحسب بايدن وتابعه نيتانياهو ،أن يمتد الى العالم ،شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، فاندلعت المظاهرات الشعبية تنديدا بوحشية إسرائيل فى غزة والشيء الجدير بالإشارة قيام مظاهرات اليهود المعادين للصهيونية ..ولا شك ان تنفيذ قرارات إقامة دولة فلسطينية على حدود عام ١٩٦٧ هو السبيل الوحيدة لإقرار السلام فى المنطقة ..اعتقد أن بحر البقر الجديدة تأتى فى ظروف مختلفة ،جعلت فضيحة إسرائيل ومعها او قبلها الولايات المتحدة الأمريكية، التى لا تكف عن التشدق كذبا عن حقوق الإنسان، فضيحة بجلاجل وعلينا الوقوف بقوة خلف قيادتنا والتصدى لأعداء مصر والوطن العربى وعسى ان تكون هذه آخر مدرسة بحر البقر فى تاريخنا.