رندا أبو العزم تكتب.. ترامب طائر العنقاء
مثل طائر العنقاء في الأساطير، خرج ترامب من بين الرماد ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة.. وما بين ألفين اثنين وعشرين عندما خرج ترامب من الرئاسة بمشاكل لا حصر لها كادت تقضي عليه وعلى أي مساند له وجدناه يعود ليعتلي عرش الولايات المتحدة في ألفين أربعة وعشرين.
فما الفارق بين ترامب آنذاك وترامب الآن؟ قد لا يكون هناك فارق ملحوظ حتي الآن سوى كبره في السن ليصبح ثمانية وسبعين عاما أي أربع سنوات أكبر مما كان عليه قضاها في مناوشات ومحاكمات، من تابعها لم يتصور أن ترامب سيكتب له النجاه من السجن أو على الأقل ستكتب نهايته السياسية.
عوده ترامب بقوة لا يمكن تفسيرها إلا في إطار التصويت العقابي من بعض الناخبين خاصة في الولايات المتأرجحة وأولوية الاقتصاد والهجرة من قبل شرائح عريضة من الناخبين الأمريكيين الذين أصبحوا يتشابهون في اختياراتهم مع اختيارات اليمين في أوروبا إلى حد كبير، أولوية الشأن الداخلي للناخب الأمريكي لا تعير للسياسة الخارجية الأمريكية أي اعتبار والشأن الداخلي هو الذي جاء بترامب وسيجيء بأي رئيس قادم.
قد يعود ترامب لينتقم من خصومه داخليُا.. ولكن ما يهمنا في مصر والمنطقة الآن هو السياسة الخارجية لإدارة ترامب الجديدة، وهل ستكون امتدادًا لسياساته السابقة رغم أن الرئيس الأمريكي ليس هو صانع القرار الأوحد، فهناك مجلس الشيوخ والنواب الذي أصبح الحزب الجمهوري يسيطر عليهما وهو ما يجعل الجمهوريون يكتسحون أركان السلطة الثلاثة ويسهل على ترامب تمرير القوانين.
هذه الانتخابات الرئاسية التي فاز بها ترامب جاءت في أصعب وأعقد وقت مرت عليه منطقة الشرق الأوسط وسط وعوده الانتخابية بوقف الحروب.
يبقي السؤال الأهم: كيف سيوقف الحرب في غزه؟ وعلى حساب من؟ ولصالح من؟ فترامب المعروف بدعمه القوي لإسرائيل من خلال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان بالإضافة إلى دوره كعراب الاتفاقيات الإبراهيمية أثناء فترة رئاسته السابقة الآن والأمور أصبحت أكثر تعقيدًا.. هل سيحصل نتنياهو على مزيد من الأراضي؟ وهل سينجح في خطه تهجير الفلسطينيين؟ وهل سيستمر في البقاء في غزة؟ وماذا عن حل الدولتين؟.. تساؤلات تثير القلق خاصه مع الدعم اللامحدود الذي يعطيه ترامب لنتنياهو، وماذا عن لبنان ..هل ستستمر إسرائيل في مخططها؟ وماذا عن حزب الله؟.
والسؤال الأهم: ماذا عن إيران مع اقتراب امتلاكها للسلاح النووى؟ وماذا عن حلفاء أو من يطلق عليهم أذرع إيران في المنطقة: الحوثي وحزب الله
منطقة مشتعلة؟ كيف سيتمكن الرئيس الجديد القديم من إطفاء حرائقها؟ وهل تأتي المنطقة من بين أولوياته في أول عام من فترة حكمه؟
ربما بعض سياسات ترامب السابقة تثير التفاؤل لدى بعض الدوائر السياسية خاصة أن ترامب كان أكثر انخراطا في ملف سد النهضة الذي يعد حياة أو موتا بالنسبة لمصر.. فإلى أي مدى يمكن لترامب الآن وبعد اكتمال السد أن يساند مصر في هذا الملف الأخطر على حياة المصريين؟.
تبقي السياسة لعبة مصالح في ظل نظام دولي يتغير بصورة لافتة قد تعيد تشكيل المشهد برمته لصالح المنطقة برغم استمرار الولايات المتحدة ورئيسها اللاعب الأقوى حتى اللحظة.