وفاء أنور تكتب: احذرهم أينما كانوا
أعلم أنك تأثرت كثيرًا بما حدث وبما يتم حدوثه بالفعل بعد أن أخذتك أقوالهم في طريق لا تشرق عليه شمس أو يسطع فيه قمر، لقد حاك البعض كذبهم من أجل تضليلك واصطحبوك معهم داخل دوامة سوداوية أفكارهم، رأيتك تتأرجح بينهم بعد أن تم سلبك بوصلة طريقك الصحيح الذي كنت تنشده من قبل.
حدث هذا لك حينما استسلمت لمحاولاتهم المستمرة لتغيير مسارك ومصيرك الذي رجوته ليحولوه إلى الأسوأ، رأيتك تسير خلفهم مكبل اليدين مغمض العينين، تتبعهم كالمسحور، تنفذ خططهم وتتجه باتجاههم، تحل إن حلوا بمكان وتغادر إن قرروا المغادرة؛ إن قالوا يمينًا اتبعتهم وإن قالوا يسارًا سبقتهم، لقد شكلوك يا عزيزي كما أرادوا، استولوا عليك وامتلكوك وأنت لا تدري.
تمكنوا بجدارة من تحويل جنتك الهادئة إلى جحيم من الصخب، كدت تألف طريقك وتحول سلامك إلى حرب، عالمك ازداد جنونًا وأصبح أسوأ مما كان عليه بالأمس، أصبح خانقًا لك بعاداته وتقاليده المستحدثة، بأفكاره المتضاربة التي أصبحت لا تشبهك، لقد أصدر قراره بمنعك من المرور بقيمك التي تم غرسها بك منذ نعومة أظفارك وشكك في سمو أخلاقك التي عشت بها سنوات عمرك، تعمد إفساد محاولاتك في إيجاد مساحة من التفاهم أو العتب.
أراك تنظر في كل اتجاه تبحث فيه عن كيانك الذي كدت أن تفقده للأبد، تتعثر أثناء خوض رحلتك بين كل هذا التنافر، وسط كل الاختلاف الذي قرر ألا يغادر هذه الأرض، وجدتك تتعمد الهروب، تبحث عن مأوى لك وعن سكن يحمل من المعنى كل ما به من أثر، تتبعه أينما اتجه وتقيم حيثما كانت وجهته، تتبعه بفرح شديد وبسعادة غامرة، بعد أن صار السكون عملة نادرة الوجود.
كأنك عثرت على المعنى الحقيقي لذاتك بعيدًا عن هذه الأرض، وكأن الأمل قد ولد هناك في الأعلى، ولهذا فأنا أراك تفكر كثيرًا في التحليق صوب الأفق، وفي لحظة صدق مع نفسك قررت أن تنشر فيها دعوتك، تدعو من يشبهونك لاتباع منهجك، أفصحت عن خطتك تفضلًا، دعوت للابتعاد، وقلت: بأن الغياب في وقت الفوضى واجب لا يجب التفريط فيه أو الحياد عنه، فما جدوى التعاطي مع عالم نجح أغلب ساكنيه في خلق صراعات تسبب الألم الدائم لغيرهم.
ما أسوأ أن تبقى بجوار هؤلاء الذين يختلفون عنك ومعك الذين يصرون على إيقافك كرهًا أمام كل كلمة تنطق بها ألسنتهم وعقب كل حديث فارغ من أحاديثهم فيجعلونك تلهث خلف حكاياتهم الزائفة التي طالما صدروها إليك لتربكك؛ فاحذرهم أينما كانوا.