الحسين عبد الرازق يكتب.. ضيوف ولكن ثقلاء (3)!
لا يكلف الله نفسًاً إلا وسعها، ولا ينبغي أن تكلف المروءة بلداً فوق طاقة أهلها! لقد تحملنا "كدولة" ما تنوء بحمله الجبال، وبات استمرار الحال علي ما هو عليه الآن درباً من دروب الخيال! ١٠مليون"ضيف" أو يزيد، أتوا لبلادنا، عاشوا كراماً بيننا، شاركوا أرزاقنا، وتقاسموا أقواتنا، لم نرتضي لهم المهانة، واعتبرناهم أمانة عزيزة، كريمة، آمنة، مصانة، لم نعاملهم كلاجئين، لم ننعتهم بالمهجّرين، مددنا يد العون والمعروف، حملناهم فوق الكتوف، فمتي يغادرنا الضيوف؟! إكرام الضيف واجب، وحق الضيف إكرامه، وقد فعلنا والحمد لله، فمتي سيرحل الضيوف؟ الضيافة ثلاثة أيام، تلك هي عاداتنا، و تعاليم ديننا الحنيف، فما بال ضيوفنا قد أطالوا؟ أوليس الضيف بخفيف؟! إنني من هنا أتساءل، متي سيرحل الضيوف؟ والجواب طبعاً معروف، إنهم لن يرحلوا! ضيوفنا يشترون سلعنا بنفس أسعار بيعها لنا، فلماذا يرحلون؟ الخبز والخضر والفاكهة، والزيت والدقيق، والغاز والماء والكهرباء، وجميع أنواع الدواء، حتي الملابس والكساء، وطبعاً بيدفعوا بالجنيه، فلماذا يرحلون؟ ثم يرحلوا ليه، ولاّ يرحلوا علشان إيه؟ ماهي البلد دي أحسن من غيرها، والأسعار فيها أرخص كتييييير عن غيرها، ومتحملانا كتر ألف خيرها، ييقي نسيبها ونرحل ليه؟ .... ضيوفنا ساهموا في رفع أسعار الأدوية، ورفع أسعار الأغذية، ضيوفنا ساهموا في ارتفاع أسعار العقارات، و"تسببوا" في اشتعال قيمة الإيجارات، أعلم أن عصب أزمة الأدوية يكمن في نقص استيراد الخامات، المترتب علي نقص وجود العملات، أعلم هذا جيداً، ولكن زيادة الطلب علي الشراء، مع قلة المعروض من الدواء، كان نتيجته المباشرة هو ارتفاع أسعارها! الأمر نفسه ينطبق علي باقي السلع والأغذية، "حتي وإن اختلفت النِسب"! قلت أنهم "ساهموا" في رفع اسعار الأغذية، وكل صنوف الأدوية، ولكنهم "تسببوا" في استعار ايجار الوحدات السكنية في جميع مناطق الجمهورية! فمتي سيرحل الضيوف؟ ألم تهدأ الأوضاع في بلدانهم، أو بعض المناطق عندهم؟ أوليس فيها أهلهم؟ هم هناك موجودون، يعيشون ويتعايشون، يتزوجون ويصادقون؟ إذا فالحياة هناك ممكنة، فلماذا لايغادرون، وإلي متي سوف يبقون؟؟!
حفظ الله بلدنا، وأعاننا وأعاننا وأعاننا