محمود حسن يكتب.. سفر التكوين


لم أقصد المعارضة لمجرد المعارضة، ولا احب المهاجمة بلا تأني أو معرفة، ولا أحب التسرع في الحكم دون بحث ودراسة، فما أن أطلقت تلك الشرذمة شرارتها الحارقة، وبثت سمومها القاتلة، إلا وقمت بالبحث في أفكارهم بعدما فرغت من دراسة شخصياتهم وبياناتهم التاريخية وسيرتهم الشخصية،
فلم أجد ثمة مؤهلات تشفع لهم عند العقل او المنطق، وحينما تابعت ما يرددون لم اجد إلا هراء لا يصلح ان يتفوه به تلميذ في احد صفوف التعليم الأساسي، ولا جديد فيه عما رددوه من قبل، فكل فيديوهاتهم المعروفة ومقالاتهم هو نفس منهجهم المتبع منذ سنوات.
الجديد أن أصبحت لهم سلة مهملات واحدة يكب فيها القمامة المتماثلة، وكيان واحد يجمعهم، ويبدو أنه مدعوم بدعم مالي واعلامي كبيرين مشكوك في مصدره، لكن مواجهة الفكر بالفكر هو الذي يجب أن يسود وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، وكل من لديه أدنى قدر من الثقافة سوف يكتشف الزيف والمغالطات المنتشرة في معظم المواد التي يروجون لها، ودعونا نصحح لهم بعض ما يزعمون، ولو أنني لا أعتبر أن كل هذا من أصل الدين، وأظنه مجرد هوامش تهدف إلى التشكيك والتوهان في أزقة وحواري المعرفة،
فأول قصائدهم كفر، وعلى سبيل المثال نشروا معلومات مغلوطة عن أبناء السيدة خديجة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجها قبل الرسول، فهم ثلاثة، أنثى وذكرين، الأنثى هي هند بنت عتيق، والذكرين هما الأول هند بن هند المعروف بأبي هاله والثاني هو هاله إبن أبي هاله، وهذا ما ورد عن ابن كثير في كتاب البداية والنهاية.
وهند هذا هو ربيب رسول الله أمه خديجة بنت خويلد، وأبوه أبو هالة، كما قدمنا بيانه)، وفي كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد قال
(وَتَزَوَّجَ أَبُو هَالَةَ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدِ،... فَوَلَدَتْ لَهُ هِنْدَ وَهَالَةَ، رَجُلَيْنِ، فَمَاتَ هَالَةُ، وَأَدْرَكَ هِنْدُ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ، )؛
وفي كتاب الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني بيتكلم عن هند بنت عتيق ودي هند بنت السيدة خديجة من زوجها عتيق قبل زواجها بالنبي
بالمناسبة الكلام عنهم كله موجود في كتب التراث واللي هدفهم الاستغناء عنها واستبدالها بفكرهم التنويري .. وده طبعا لأن التكوين لازم يبقى على أرضية سودة .. عشان تشوف المعلومة من وجهة نظرهم وتفهمها بفكرهم مش مهم تبقى مغلوطة. مسمومة . المهم إنك تسلم نفسك لهم.
طبعا الخطأ أولًا في أن معلوماتهم اللي بيصدروها للناس بهوى نفسي وغرض شخصي وسوء نية، والغريب بل والمضحك أنهم يسترشدون بما ورد في كتب التراث ليحكمون بها عليه، وبات جليا انهم يبحثون عن غلطة يمسكوها مش عن معلومة صحيحة ينشروها، وبعدين هو التنوير انك تتكلم في اولاد السيدة خديجة من ازواجها السابقين للرسول ؟؟.
ما هو التنوير في هذا ؟؟ وما هي أهميته ؟؟، وقطعًا هم معتمدين على عدم معرفة الناس بكثير من أمور الدين وعدم قراءة سليمة لمراد الله من خلقه على أيدي أهل العلم الصحيح المبني أسس وعمق وتاريخ طويل من البحث والتبحر في أصول الدين.
إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى،
إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات أو مشتبهات فمن إتق الشبهات فقد إستبرأ لدينه، ومن لم يتق الشبهات وقع فيها كالذي يحوم حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا إن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة لو صلحت لصلح الجسد كله ولو فسدت لفسد الجسد كله، ألا وهي القلب.
"قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالًا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا".
فأهلا بالتنوير من أهل التنوير وليس من أهل سفر التكوين.
ملحوظة هامة:
سفر التكوين هو أول نص في التوراة.