عماد فرغلي يكتب.. إن أتيت متأخرًا كإنك لم تأتي أبدًا
خدعتنا حماس بعملية طوفان الأقصى وأوهمتنا بأنها الحرب المنتظرة لتحرير القدس والتي تخطط لها منذ سنوات وأعدت لها العدة وما أستطاعت من قوة ومن رباط الخيل لترهب به عدو الله وعدونا وآخرين من دونهم لا نعلمهم الله يعلمهم ، ولأن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين له في قلوب العرب والمسلمين مكانة وقدسية ولأن الحركة تتخذ من الدين ستارا لتبرير أفعالها وتجد من يناصرها في كل جرم ترتكبه أو أثم تقترفه ، فقد منينا النفس بأن تصدق هذه المرة وتحقق الحلم الذي انتظره المسلمون طويلا ، وما دعانا لذلك هو العدد الكبير من القتلى والجرحى والاسرى الذين سقطوا من الجانب الاسرائيلي في اليوم الأول من طوفان الأقصى وانتظرنا خطوة حماس التالية لاستكمال الطوفان حتى الأقصى واتضح انها ليس لديها خطط محددة ولا أهداف استراتيجية واضحة بل عملية ككل عملياتها السابقة لإثبات الوجود وحفظ ماء الوجه ، وفوق كل ذلك غير محسوبة العواقب والمخاطر والأهوال .
ظنت حماس أن احتجازها لعدد من الرهائن سيجعل نتنياهو يرضخ لطلباتها فخاب ظنها لأنه في الأساس قاتل محترف فاقد للإنسانية عديم المروءة لا يبالي بالأرواح وان كانوا من بني قومه.
حسناً ، قتلت حماس المئات من جنود الاحتلال وهذا ما أسعد كل مواطن عربي ومسلم ولكن في المقابل خسر الشعب الفلسطيني غزة بالكامل وعشرات الآلاف من الشهداء ولم يعد هناك شيء في القطاع يخشى عليه وبينما الوصف العام يقول أن غزة أصبحت "حطام ركام" ظلت حماس على مدى أشهر ومن خلال ناطقها "أبو عبيدة" تدعي النصر وترفض الهدنة وكأن الدم الفلسطيني لا يعنيها ، وفي آخر المطاف قبلت بها بعد أن استشعرت أن استمرار الحرب يهدد وجودها ويشل حركتها ويقلص مواردها ويبخر أحلامها، ولكن جاء قبولها بعد فوات الأوان ، ومع اليهود "أن تأتي متأخراً كإنك لم تأتي أبدًا"، وبما انك وضعت البيض كله في سلتهم فلا تنتظر منهم إلا القشور.
كالعادة فشلت حماس في تحقيق أهدافها وكالعادة سلطت سهامها صوب مصر والدول العربية واتهمتهم بالخيانة والعمالة والتقصير ووصل الأمر إلى حد تحريض شعوب هذه الدول على الخروج واحداث الفوضى، ونسيت حماس أن هذه النغمة باتت قديمة وعديمة الجدوى صحيح أن القضية الفلسطينية لازالت هي قضية العرب الأولى ولكنها اليوم لم تعد قضيتهم الوحيدة فلديهم القضية السودانية والقضية السورية والليبية واليمنية وهي دول عربية شقيقة تشتعل فيها الحروب الآن ويسقط منها آلاف الشهداء ودمائهم غالية عند كل العرب كالدم الفلسطيني تماما وكما وقف العرب مع فلسطين الحبيبة يقفوا الآن مع شعوب هذه الدول الحبيبة أيضاً ، والدول العربية لمن نسى ولمن يزيف الواقع لم تتخلى يوما عن دعم الأشقاء في فلسطين منذ عام 1948 وحتى اللحظة سواء بالمال أو العتاد وبالمشاركة في الحروب والمساندة في المحافل العالمية واستضافة وضيافة ووساطة وندوات ومؤتمرات ومخصصات.
اللهم نصرًا عزيزًا قريبًا مؤزرًا للشعب الفلسطيني ومثله لأحبائنا في السودان وسوريا واليمن وليبيا والعزة والرفعة والخير والرخاء لأمتنا العربية والإسلامية.. أمين