محمد الغيطي يكتب.. السيدة نفيسة وحاكم مصر
للسيدة نفيسة، حفيدة سيدنا علي ابن أبي طالب، كرم الله وجهه، وفاطمة الزهراء، بنت سيد الخلق "ص"، وهي الطاهرة من نسل الأطهار، وقفة مشهودة ضد حاكم مصر المستبد الظالم السري، ابن الحكم الذي ظهر على الناس وحكم مصر في ١٩٣٠ هجريًا، كان يدّعي أنه يحكم بشرع الله وشرعته، بينما الناس يموتون جوعًا، ويضربهم الشح والعوز، شح الأرزاق.
كان حاكم مصر يجعل حماقته وجماعته يتحكمون في الرعية، يصمون آذانهم عن شكاوى المظلومين والفقراء وأصحاب الحاجة، وعندما كان يخرج الحاكم في موكبه، كانت حاشيته تمنع الرعية من الوصول إليه وتضع الحواجز، إلا عن المؤيدين وأصحاب المصالح والمستفيدين.
ولم يجد المصريون منقذًا وملاذًا إلا نفيسة العلم، السيدة نفيسة، فذهبوا إليها في عزلتها، وكانت لم تخرج منذ زمن، وعلمت أن موكب الحاكم سيمر في الغد، فوجئ بها توقف الموكب، وتلقنه درساً بقي لليوم لكل حاكم لا يسمع أنات رعيته وشعبه، قالت: "ملكتم فأسرفتم، وقدرتم فظلمتم، وخولتم ففسقتم، وردت إليكم الأرزاق فقطعت هذا، وقد علمتم أن سهام الأسحار نافذة غير مخططة، لا سيما من قلوب أوزعتموها وأكباد جوعتموها وأجساد عريتموها، ومحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم، فإنا صابرون وجاوروا، فإنا بالله مستجيرون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
وتحركت السيدة نفيسة نحو دارها مقررة أن تترك مصر بعد أن عم الظلم وجأرت الرعية من الجور، وكان الإمام الشافعي قد مات وأحسنها فراقه، وفارق جلسات علمه وتطاول تلاميذ الإمام مالك على سيرته وأنصاره وسمته واعتداله، وهم من غلاة المتطرفين المهاجمين لفقهه.
السيدة الطاهرة شأنها هو حال المصريين، نهبه فآثرت العودة للروضة الشريفة التي سمعت فيها لصوت سيد الخلق وهو ابنه خمس سنين محمولة من والدها حسن الأنور، والذي حفظها القرآن كله دون السابعة، وباركها سيد الخلق. فوجئت بالمصريين يحيطون بدارها ويطلبون عدم الرحيل، بسيرة حبيبها النبي "ص"، أن لا تتركهم وهم في أمس الحاجة إليها.
وكان الأطباء قد نصحوها بالراحة، فأخذت قسطًا من النوم، وكما ذكر الفرقاني في تاريخه، يروي الرواة أن السيدة نفيسة نامت فرأت الرسول في رؤية واضحة يطلب منها أن تبقى في مصر، لأنها ستموت وتدفن فيها، وهو ما تحقق فعلاً رغم محاولة زوجها اسحق والي المدينة المنورة في أن تدفن مع آل بيت النبي من شجرتها الأطهار.
ولكن رحمة الله بأهل مصر ووصية النبي الكريم جعلت مقامها ومدفنها هنا، وهو مقصد الجميع ومحبة المريدين. وهي صاحبة أقوى صرخة ضد كل متاجر بدين الله ورسوله. ونفيسة العلم تهز عرش المنافقين والمتنطعين.