د. حياة عبدون تكتب.. كم فهلوي حولك؟
يُحكى أنَّ بخيلًا أعطى خادمه زجاجة فارغة وطلب منه أن يملأها عصيرًا من السوق دون أن يُعطيه نقودًا. فاستفسر الخادم عن النقود. أجابه البخيل: "جميع الناس يستطيعون شراء العصير بالنقود... أمَّا الخادم الفهلوي فهو الذي يستطيع شراء العصير بدون نقود".
عاد الخادم من السوق والزجاجة فارغة، فاندهشت سيده قائلة: "يا لك من خادم غبي، الزجاجة خالية من العصير... فماذا أشرب؟" أجاب الخادم: "سيدي.. جميع الناس يستطيعون أن يشربوا العصير إذا كانت الزجاجة ممتلئة، أمَّا السيد الفهلوي فهو الذي يستطيع أن يشرب العصير حتى لو كانت الزجاجة فارغة".
تذكَّرت هذه القصة وأنا أتابع حالنا الآن... الجميع "فهالوة"، والكل "يتفهّل علي الآخر". توغَّلت "ثقافة الفهلوة" في كل المؤسسات، الوزارات، الجامعات، الشركات، القطاع العام والخاص حتى وصلت إلى الدعاة "راجعوا فهلوة ونفاق بعضهم". ووصلت "الفهلوة" إلى السياسة والإعلام، حيث أصبح معظم السياسيين والإعلاميين "فهالوة".
أما النواب "الفهالوة"، فهم لا يفعلون شيئًا إلا لمصلحتهم ومشاريعهم الخاصة على حساب مصلحة الشعب!!! حتى الدول أصبح كثير منها "دول فهلوية" لا تفعل شيئًا إلا شراء أصول وثروات بلدي بفهلوة!!
أما "الموظف الفهلوي"، فهو يريد الحصول على المرتب دون عمل أو مقابل القليل من العمل. وارتفع سقف الفهلوة لدى بعض الشباب، فأصبحوا يحلمون بالثراء بلا تعليم أو علم أو إمكانيات فكرية وعقلية تتماشى مع هذا الطموح، فتفشَّت "ظاهرة الفهلوي" والبلوجرات والتراندات كلها مظاهر للفهلوي العصري.
أصبحت "الفهلوة والاونطة" و"بفهمها وهي طايرة" "بتاع كله" "المتذاكي" "الضحك علي الدقون" "مشي حالك".
"قرطس الزبون".. ادعاءنا بامكانات أو بقدرات غير موجودة لدينا. هي أهم سمات الشخصية المصرية حاليًّا.
انتشر "العامل الفهلوي" بعد ما كان العامل المصري أتقن عامل وانتشرت ظاهرة "اللي بيلعب بالبيضة والحجر"... كلن وفقا لإمكاناته. والجميع أصبح "الفهلوي" اللي بيعرف يضحك على الدولة فيسرق الكهرباء... يبني أدوار مخالفة... يبني على الأراضي الزراعية... يبيع السلعة باكثر من ثمنها، ثم يبحث عن واسطة لإخراجه من المأزق أو استغلال ثغرة في القانون.
أما "الفهلوي الكبير" فهو المليونير ورجل الأعمال الذي "يتفهّل على قدر ثروته وملايينه"، فيضع يده على الأراضي بالكيلوهات وبسعر زهيد أو يشتري أراضي زراعية ويحولها إلى قصور ومنتجعات وقرى سياحية ولا يفكر في المصانع أو المشروعات الزراعية بل يشتري أصول وثروات مصر بسعر بخس ثم يبيعها للعرب!!!
"الفهلوي" موجود في كل مؤسسات الدولة من الموظف البسيط إلى أكبر "القيادات الفهلوية". "كل فهلوي على قد منصبه".
على كل مسئول، وزير، سياسي، رؤساء أحزاب، إعلامي، قاضي، محام، مدير، شرطي، معلم، رجل أعمال، طبيب، موظف، تاجر، فلاح، ميكانيكي، مستثمر، أستاذ جامعي، عامل، تاجر، صحفي، صاحب قناة، موظف بنك، موظف جمارك، موظف شهر عقاري.
وعلى كل "فهلوي" في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة أن يتوقف عن استخدام "فهلوته" في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر ويستخدم ضميره، علمه، دينه، عقله وأخلاقه.
على القوانين المصرية أن تفعل وأن نقلل من ثغراتها التي يستغلها "الفهلوي" حتى يطبق القانون بقوة وحزم على الجميع.
والأخطر الآن أن يتوقف الحكومة نفسها التي أصبحت حكومة فهلوية مع الشعب عن استخدام كل أساليب الفهلوة لاستغلال المواطن، لأن الشعب لم يعد يتحمل عبء الحياة.
اللهم بحق هذه الأيام المباركة أن تحفظ مصر من كل "فهلوي".