سامح عسكر يكتب.. أردوغان السياسي وتركيا العلمانية وزيارته لمصر
سبق منذ 6 سنوات وفي ظل اشتعال الأزمة بين مصر وتركيا أن تناقشت مع قارئ ينتمي للجماعات، عاشق ومتيم بأردوغان ويراه فتى أحلام الأمة وأمير المؤمنين المنتظر، فهو الذي سيسحق الانقلاب مثلما وصفه، وهو الذي يُعيد مجد المسلمين بعد صلاح الدين الأيوبي.
كنت أرى أفراح الإسلاميين بفوز أردوغان المتكرر بالانتخابات بشعور خليط من (الشفقة والمرح) معًا.
شفقة لأن هؤلاء لم يقرأوا تركيا جيدًا وأردوغان بشكل خاص، وينطلقون في تصورهم له من منظور ديني سني إخواني صِرف، يرى أن الرجل سليل حسن البنا وسيد قطب، فنظام الإخوان التعليمي من الداخل ليس حداثيا علميا ولا يستعمل أو يعرف الطرق الجديدة في التدريس والانقلاب الثقافي الذي حصل للبشرية في القرنين 19 و20م.
كان كلامه يحمل هجومًا على مصر كدولة وليس على الرئيس السيسي فقط، اتهم مصر بالضعف وأنها كيان هش وجيشها أضعف من الجيش التركي.
قلت يا عزيزي أن الضعيف إذا ركز على نفسه جيدا سيُنجز أفضل من القوي المُشتت، وأردوغان حاليا مُشتت – وقتها من 6 سنوات – فالرجل دخل في صراع على جبهات متعددة أفقدته مصادر قوته واقتصاده، فهو يحارب سوريا والأكراد، وعلى خلاف واسع مع أوروبا بسبب اللاجئين ومع أمريكا بسبب جولن، ومع روسيا وإيران بسبب دعمهم للأسد، ومع مصر وتونس بسبب الإخوان، ومع السعودية بسبب خاشقجي.
مصر وإن كانت مهددة لكنها لا تحارب سوى الجماعات، وهي على وفاق شبه تام مع محيطها الجغرافي.
لكن تركيا تفقد مصادر قوتها التي اكتسبوها بفضل سياسة تصفير الخلافات منذ 21 عام، وفي العرف الدبلوماسي تلجأ الدول للمصالحات وانتهاج سياسة الوفاق إذا شعرت بالضعف أو نهاية مخزونها الاستراتيجي، أو رأت تحالفات وتكتلات دولية تشعرها بالخطر والجزع، أو رأت وحدة عاطفية وأيديولوجية مع الخصوم حتى تتقرب منهم للشعور بالمتعة واللذة المفقودة.
المهم: اتفقت معي واحدة من الإعلاميات على مناقشة فوز أردوغان بالرئاسة، وشرحنا على مدار ساعتين أن أردوغان وتركيا ليست مثلما يتصورها الإخوان والجماعات، هذه دولة حديثة وإن كانت قومية المنشأ ويعتريها نوع من التعصب العرقي معروف عنها لكنها في الأخير دولة حديثة ومارست العلمانية أكثر من 100 عام حتى صار التعلمن لديهم ثقافة وليس مجرد نظام سياسي.
وقلنا أن المصالحة والتوافق التركي المصري سيأتي حتما ويعود للأتراك أسلوب سليمان ديميريل أحد أبرز وأهم زعماء تركيا (حبا لمصر) وتقربا لشعبها وسياسييها.