سامح عسكر يكتب: معنى شماتة وجدي العربي في موت ابن حسن يوسف
الشئ الوحيد اللي يجعلك تحترم وجدي العربي
إنه صريح ومش منافق، شجاع جدا في التعبير عن رأيه، وواضح لأبعد حد ممكن
أيوة أنا إخوان مسلمين، وكل اللي يخالفني في الإخوان كافر مرتد، وحسن يوسف يستاهل موت إبنه في عز شبابه لأنه كان معارض للإخوان ومرسي، وأنا إنسان وضيع جدا وبشمت في موت الناس عادي..واللي مش عاجبه يتفلق..!!
ياترى إيه مصدر الثقة اللي بيتكلم بها وجدي؟
أصل مش معقول يكون إنسان واضح لهذا الحد اللي ممكن بناء عليه يكون مهدد في حياته وحريته، اللي بكلمة واحدة من اللي بيقولها تثير نقمة وغضب حتى بعض أنصاره ممن تصوروا الفنان (طاقة نور وأخلاق) وبعدين يظهر على حقيقته اللي هي أقرب لأبو لهب في الواقع..
هقول لحضرتك السر:
فيه حاجة اسمها (الاستحقاق) ويعني شعور الفرد بذاته (قيمته + تاريخه + قبوله + مكانته في المجتمع) وبناء عليه فعندما يريد شئ يتحقق فورا..ويحاسبك إذا لم تحقق له رغبته، ودائما يكون الاستحقاق مرافق لبعض الطبقات والفئات اللي الناس بيقدسوها أو يخافوا منها زي (الحكام والأعيان ورجال الدين)
وجدي العربي بدأ فنان وممثل من مرحلة الطفولة، يعني نجوميته بدأت في مرحلة مبكرة، وفي السبعينات قدم نفسه (كفنان مثقف معارض) قبل أن يعتزل الفن وينضم لجماعة الإخوان المسلمين، ويرجع تاني في التسعينات عشان يقدم برامج دينية وإعلانات دينية وتبرعات..إلخ
خلال حقبة التسعينات والألفية الجديدة كان وجدي العربي مثال للفنان الملتزم اللي زهد الحياة الدنيا وبدأ طريق النور زي رابعة العدوية، كان قليل المشاكل ..بل معدوم، والسر إن الإخوان احتفظوا بيه كطاقة دينية ونفسية وإعلامية تسندهم وقت الزنقة، فمن مصلحتهم إن وجدي يظل بعيد عن المشاكل السياسية في العلن، لكن يظل كما هو (في ترويج أفكار الإخوان المسلمين) في الإعلام المصري ، الذي كان في هذا التوقيت – أوائل الألفية الجديدة – سلفي إخواني بحت، وصفوت الشريف بنفسه وعلاء مبارك وأخوه كانوا رعاة لهذا النوع من الخطاب الديني واختصاره (احبس الإخوان لكن متحبسش أفكارهم) ..(الإخوان جماعة محظورة..لكن أفكارهم مش محظورة) (فكر الإخوان يمثل صحيح الدين..لكن التنظيم نفسه منحرف)..!
حصل وجدي على (استحقاقه) الاجتماعي واللي توهم من خلاله إن كل ما يقوله ويفعله (صحيح مطلق + غير قابل للشك + يمثل صحيح الدين) ولما لا والراجل حصل على دعم أكبر قوتين في الدولة المصرية، وهما 1- الإخوان المسلمين كقوة شعبية ودينية ، 2- نظام مبارك كقوة أمنية وسياسية، فوضع كهذا لازم يخدع أي حد مهما بلغ ذكاؤه، ما بالك ونسبة ذكاء وجدي ربما أقل من نسبة النياندرتال أو إنسان العصر الحجري..
حصلت الثورة على مرسي والإخوان سنة 2013 تعرض وجدي لصدمة نفسية عنيفة، اعتزل الدنيا والحياة فترة من أثر الصدمة، فكل الحقيقة اللي عاش عشانها طلعت وهم، قوة مبارك راحت، وقوة الإخوان ذهبت مع الريح، والنظام الجديد بدأ يقفل قنوات السلفية والإخوان ويمنع ظهور كل اللي كان محسوب عليهم ويروّج أفكارهم..
استحقاق البشر يقل وينخفض وقت ضعفهم، ووجدي لما كان ضعيف في هذا الوقت مكانش متخيل إنه يرجع قوي تاني أو عنده أمل يعود لمنزلته اللي هتربط مصيره وتاريخ – ويمكن مصير وتاريخ أخوة محمد العربي أيضا – بعودة الإخوان للحكم مرة أخرى، أو على الأقل يعيش في وهم الدولة الفاضلة اللي كان عاوز يحققها مرسي، والمؤامرات اللي حصلت على الإخوان عشان يفشلوا ..لأن التنظيم الإخوان عند الشيخ وجدي مينفعش يفشل لأنه ربّاني إلهي، وكل ما عند الله مقدس لا يقبل السقوط والفشل..
بدأت جماعة الإخوان في غزو السوشال ميديا منذ عام 2016 تزامنا مع أحداث تيران وصنافير، سيطر الإخوان على السوشال ميديا تماما بفضل رعاتهم الجدد من أنظمة إقليمية ودولية ، وداعمين ومتبرعين في السر والعلن، حتى أنفق على صفحات السوشال ميديا ملايين الدولارات في تويتر وفيسبوك وانستجرام، فكانت شعلة البداية لعودة قوة الإخوان مرة أخرى ولكن مش من البوابة الرسمية ولكن من بوابة أخرى وهي (الإعلام البديل)
عاد الاستحقاق عند وجدي العربي مرة أخرى، والآلاف مثله داخل وخارج مصر ممن يمثلون الإسلام السياسي تنظيما وفكرا، بدأ في الجهر بأفكاره وانتماؤه الحقيقي بمنتهى الجرأة وهو مظمئن إن فيه ملايين يسندوه سواء في مصر أو بالخارج، ومشروع السيطرة على السوشال ميديا يضمن لوجدي الاستمرارية (كنجم في الخارج) والحماية لعائلته في مصر.
الخلاصة مما سبق: إن لو حضرتك عاوز تعرف تاريخ الإخوان شوف تاريخ وجدي، لو عاوز تشوف وضعيتهم السياسية والفكرية والإعلامية شوف وجدي، لو حضرتك عاوز تشوف أزمات الإخوان شوف صراعات وجدي..لو حضرتك عاوز تشوف أخلاق الإخوان شوف أخلاق وجدي، لو حضرتك عاوز تشوف كمّ غرور وعزلة الإخوان شوف كمّ عزلة وغرور وجدي..
هذا الرجل من فرط وضوحه وصدقه مع نفسه هذه المرحلة يمكن التنبؤ بمصير الجماعة والإسلام السياسي ككل عندما تنجح في التنبؤ بمصيره، وشخصيا أنصح بدراسة حالته من بعض مراكز الدراسات المصرية المهمَلة في الفترة الأخيرة، واللي لم تعد تفيد الدولة المصرية والمجتمع المصري برُبع جنيه..فتناول حالة وجدي لا تكفي على مستوى الإعلام لان هذا التناول هيكون ضيق شعبويا، وإحنا عاوزين نفهم هذا الرجل وجماعته نخبويا على الأقل لكي تتفادى الدولة إنتاج مثل هذا النموذج مرة أخرى..