عصام عبد الصمد يكتب: فعلاً احترقت أعصابي
مساء الأمس كانت سهرة جميلة مع أربعة من الأصدقاء. تطرق الحديث إلى الطب والأطباء، وقال أحمد وهو أحد الأصدقاء في السهرة: أنتم معشر الأطباء عندكم برود أعصاب عجيب! قلت له: حكمك هذا غير حقيقي لأن الفرق بيني وبينك بسيط جداً؛ أنت ربما شاهدت منظر الدم مرة أو مرتين في حياتك، أنا شاهدته آلاف المرات.
أنت في حياتك كلها شاهدت أربعة أو خمسة مرضى على الأكثر، أنا شاهدت عشرات الآلاف من المرضى. أنت من الجائز عاصرت الموت مرة واحدة في حياتك، أنا تعاملت معه مئات المرات. أنا أتعامل مع النزيف، ومع التقيحات، ومع القيء، ومع الموت، ومع آلام المبتلى، ومع صراخ المتألمين، كل يوم، ولمدة ٥٤ سنة، منذ تخرجي من كلية الطب حتى يومنا هذا. ولهذا السبب احترقت أعصابي، ولم يتبقَ منها إلا الرماد، وأنت تعلم أن الرماد لا يحترق مرتين.