أصيبت بـ 30 ورمًا ولم يتخل عنها حبيبها.. وفاة الشابة ندى بالسرطان المُكتشف قبل زفافها بأسبوع
الحياة صاخبة، مليئة بالأحداث ورتمها سريع، ويتوه كل شخص فيها آملًا في بناء حياته الخاصة، إلى أن يحدث شيء مفاجئ، ليأخذه من الصخب إلى غرفة صماء مظلمة، لا يسمع بها سوى أنفاسه المتلاحقة، هي التي كانت تسمعها ندى السورية، صاحبة الـ 29 عاما، بعد أن كانت تتجهز لحفل زفافها، لتمر بوعكة صحية وتكتشف أنها مصابة بـ 30 ورما في مناطق مختلفة من جسدها النحيل.
روت سارة الصديقة الصدوقة -حسبما كانت تصفها ندى، كيف كانت مفعمة بالأمل والحياة رغم رحلتها القاسية مع السرطان، التي استمرت قرابة العام ونصف.
درست ندى إدارة الأعمال قسم المحاسبة، وكانت تعيش حياتها ما بين التفوق الدراسي، وكذلك العاطفي، حيث تعرفت على شاب يدعى أحمد، لم تعلم أنه سيكون خير رفيق للرحلة القاسية التي ستواجهها فيما بعد، فهو لم يعرض عليها الزواج فحسب، بل اختار أن يظل معها حتى دون أن يصبح أبا.
جاءت تحضيرات الزفاف، وكانت مثل أي شابة تفكر بالفستان الأبيض والحبيب يحضر بذلة العُرس، مثلما يُقال في سوريا، ورغم شعورها بالتعب فإنها كانت تتغافل عنه، في سبيل الانتهاء من تحضيراتها، لكن عندما اشتد عليها الأمر، قررت أن تستشير الطبيب.
الإصابة بـ 30 ورما
قبل زفافها بأسبوع، كانت ندى أمام غرفة التحليل والإشاعات، لتعرف ماذا تشكو، حتى تحصل على علاجها المناسب وتتعافى سريعًا قبل الزفاف، ولكن وقع على أذنها الخبر الأسوأ على الإطلاق، وهو إصابتها بـ 30 ورمًا منتشرة في 7 مناطق مختلفة من الجسم، منها الرحم والمبايض.
الحياة اختلفت تمامًا بالنسبة لـ ندى، بعد أن كانت تتجهز لتبدأ حياتها الزوجية، أصبحت تعد الأيام الباقية لها في الدنيا، ولكن وصفت وقوع الخبر عليها بأنه كان هدية من الله، جعلها تكتشف كيف تملك إيمانًا قويًا، وصبرًا على الابتلاء، كتبت أنها كانت تردد الحمد لله.
في الوقت ذاته، كان أحمد يأخذ رأيها في بدلة الزفاف من خلال إرسال صور لها، وهي تنتظر مع طبيب الأورام الذي يوافيها بالأخبار السيئة عن صحتها شيئًا فشيئا، ولم يضع لها الكثير من الاختيارات سوى البدء فورًا في العلاج الكيميائي، نظرًا لأن الحالة خطيرة ومتأخرة.
لم تنتظر ندى طويلًا حتى أخبرت حبيبها أحمد، وطلبت منه أن ينسى أمر الزواج بها، إذ إنها لم تكن مريضة بالأورام فقط، بل إن المرض حتّم عليها استئصال الرحم والمبايض، أي أنها أدركت عدم قدرتها على أن تصبح أمًا أبدًا، رغم حبها وعشقها للأطفال، لكن الأطباء كانوا يحاولون جاهدين إبطاء انتشار الورم وإنقاذ حياتها بجميع الطرق.
لكن أحمد فاجأ الجميع، اختار أن يظل بجانبها وأن يكون رفيق رحلة الكيماوي، بل أن يكون أيضًا بلا أطفال ولا يصبح أبًا أبدًا، هو لن يختار سوى حبه لـ ندى، والتي قالت عنه: أروع إنسان بالامتحان، كان بخط الدفاع الأول بالمعركة، منحني كل القوة والحب، أنا ممتنة للنعمة اللي الله بعتلي ياها.
اكتمل الزفاف وتزوجت ندى وأحمد، وبدآ معا رحلة علاج مؤلمة، وصفتها ندى بالعذاب، لكن آية “لعلَّ اللهَ يُحْدِثُ بعدَ ذلكَ أمرًا”، لم تفارق شفتيها، كانت مؤمنة بقوة الدعاء آملة في أن يتبدل حالها بعد عشرات جلسات العلاج الكيميائي.
كانت الأورام تنتشر وتتكاثر وحجمها يكبر يومًا بعد يوم، وكتبت ندى قبل وفاتها بأيام عبر منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: وصلنا للنهاية، هكذا بدأ طبيب الأورام الحديث، بعد أن قرّر أن يوقف لي العلاج.. لأنه سيضرني أكثر من أن يفيدني، كونها الأورام تكبر وتنتشر بشكل هستيري والمرض أصبح شرسًا ولم يعد يستجيب لأي علاج.. حدد لي الدكتور وقتًا لأعيش من أسبوعين لـ 3 شهور.
واختتمت: قلت له سيبقى عندي أمل بالله إنه ممكن أن يخفي الأورام بلمح البصر وسأبقى ندوش المبتسمة المتفائلة مطمئنة لقوله تعالى (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).
مرّ فقط أسبوع واحد، وتوفيت ندى المفعمة بالابتسام والحب، أمس السبت، إثر إصابتها بمرض السرطان.