حياة عبدون تكتب: من الحياة.. القهوة والفناجين
يحكي ان بعض خريجي إحدى الجامعات قد التقوا في منزل أستاذهم العجوز بعد سنوات طويلة من تخرجهم وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية ، ووصلوا الي أرفع المناصب ، وحققوا الاستقرار المادي و الاجتماعي... وبعد عبارات التحية والمجاملة، اخذ كل واحد منهم يتأفف من ضغوط العمل والحياة التي تسبب له الكثير من التوتر ...
غاب "الأستاذ "عنهم قليلا ثم عاد يحمل أبريقا كبيرا من القهوة ، ومعه أكواب مختلفة الأشكال و الالوان علي صينية فاخرة...
أكواب ميلامين...أكواب زجاج ...
أكواب بلاستيك.... وأكواب كريستال..!
فبعض الأكواب كانت في منتهى الجمال تصميماً ولوناً وبالتالي كانت باهظة الثمن..
بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي تجده في أفقر البيوت. !!
قال الأستاذ لطلابه " تفضلوا و ليصب كل واحد منكم لنفسه القهوة " ..
وعندما بات كل واحد من الخريجين ممسكا بفنجانه ...
قال " الأستاذ " هل لاحظتم ان الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم ! وأنكم تجنبتم الأكواب العادية ؟؟؟
فمن الطبيعي ان يتطلع الواحد منكم الى ما هو أفضل، وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر .!!
ما كنتم بحاجة اليه فعلا هو القهوة وليس الكوب !!
ولكنكم تهافتم جميعا على الأكواب الجميلة الثمينة...!
و بعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان يراقب أكواب الآخرين مع انكم جميعا تشربون نفس الشيء و هو القهوة !
فلو كانت الحياة هي "القهوة "..
فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي الأكواب !!
وهي بالتالي مجرد أدوات تحتوي علي حياتنا ونوعية حياتنا "..
و كلما ركزنا فقط على الكوب فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة..!!
نصيحتي لكم بعدم الاهتمام بالأكواب و بالفناجين .
بل عليكم "الاستمتاع بالقهوة ".!!
الم تلاحظوا معي ان هذه آفة يعاني منها الكثيرون ، فهناك نوع من الناس لا يحمد الله على ما هو فيه مهما بلغ من نجاح لأنه يراقب دائما ماعند الآخرين..
فهو يتزوج بامرأة جميلة وذات خلق و دين لكنه يظل معتقدا أن غيره تزوج بنساء أفضل من زوجته.. ينظر الى البيت الذي يقطنه ويحدث نفسه أن غيره يسكن في بيت أفخم وأرقى " من منزله !!
فهو لا يعيش حياته و لا يستمتع بحياته لانه يظل يفكر بما لدى غيره !!!
عليك ان نعلم جميعا انك اذا اصبحت آمنا في بيتك ...معافًيا في بدنك، عندك قوت يومك ...فانت تمتلك الدنيا و ما فيها !
"عجبا للبشر ! ينفقون صحتهم في جمع المال ، فإذا جمعوه أنفقوه في استعادة الصحة" ...اندريه جيد ..
يفكرون في المستقبل بقلق وينسون الحاضر فلا يستمتعوا بالحاضر ولن يعيشوا المستقبل ، ينظرون إلى ماعند غيرهم فلا يلتفتون لما عندهم فلاهم قد حصلوا على ما عند غيرهم ولا هم قد استمتعوا بما عندهم..!
و الان عليك ان تسأل نفسك " هل انا مستمتع بالقهوة ام بالحصول علي اغلي فنجان ؟..