تركوها تحترق.. خيرسون تسبح في حقول الألغام
استيقظ الكثيرون في أوكرانيا، يوم الأحد، بعد يوم من الاحتفال بانسحاب روسيا من خيرسون، على وصول فريق مكون من 10 عمال سكك حديدية إلى قرية بوساد بوكروفسكي في أوكرانيا، التي كانت لعدة أشهر واحدة من أشرس الخطوط الأمامية للصراع.
ووفقا لتقرير رصدته جريدة الجارديان البريطانية، كانت مهمة هؤلاء الرجال إصلاح المسارات إلى مدينة ميكولاييف التي تم إغلاق الطريق إليها بواسطة أغصان الأشجار وجذوع الأشجار المتناثرة عبر الطريق التي وضعها الجنود الأوكرانيون هناك، وأثناء عملهم اكتشفوا ألغاما كانت مزروعة هناك، فقد أنفجر أحدي هذه الألغام في العمال وفقد على أثر هذا الانفجار أحد العمال ساقيه ونقل الآخرون إلى المستشفى.
ولم يكن هذا الحادث هو الأول من نوعه، فقبل هذه الحادثة انفجر لغم آخر في سيارة تقودها أسرة مكونة من أربعة أفراد في مدينة نوفورايسك المحررة، مما أدى إلى إصابة طفل يبلغ من العمر 11 عاما.
وقبل انسحاب القوات الروسية، حذرت السلطات الأوكرانية من أن موسكو تحاول تحويل خيرسون إلى "مدينة الموت"، ولكن يبدو الآن أن الجنود الروس حولوا المنطقة بأكملها إلى حقل ألغام، مما قد يجعلها المنطقة الأكثر خطورة في أوكرانيا وربما في العالم.
ومن جانبه، قال تيمور بيستريوها ، رئيس المنظمة غير الحكومية لجمعية إزالة الألغام الأوكرانية لصحيفة الجارديان، إنه "بما أن القوات الروسية خططت للانسحاب، فقد كان لديهم المزيد من الوقت لوضع جميع الألغام المتفجرة".
وأضاف: "لا يمكننا وضع توقعات حتى الآن، حيث أن إجراءات التطهير قد بدأت للتو، ولكن من المحتمل أن تكون منطقة خيرسون هي المنطقة الأكثر تعرضا للألغام في البلاد، ولسوء الحظ يمكن أن تحتل أوكرانيا قريبا المرتبة الأولى في العالم من حيث عدد الإصابات الناجمة عن الألغام".
وتصطف الطرق المؤدية إلى خيرسون، المغطاة بحطام الحرب، مع طوق وعلامات حمراء طويلة تشير إلى وجود حقول ألغام كل 10 أمتار.
وتقع عشرات الألغام التي تم انتشالها في أكوام على بعد أمتار قليلة من نقاط التفتيش القريبة التي تخضع الآن لسيطرة القوات الأوكرانية.
وفي الوقت نفسه، في ممرات البلاد، تبرز بعض العبوات الناسفة غير المنفجرة من الأرض في انتظار إبطال مفعولها.
وقد يستغرق العمل على إزالة الألغام في مدينة خيرسون شهورا إن لم يكن سنوات، وقال شهود عيان وضباط عسكريون لصحيفة الجارديان، إن الروس تركوا ألغاما وأسلاكا في كل مكان.
وقال أولكسندر فاليريوفيتش ، وهو جندي مقيم في بوساد بوكروفسكي يساعد في تنظيف المنطقة المستعادة من القوات الروسية: "الطرق والأراضي والجسور والمنازل والمباني كل شيء، نجد الألغام طوال الوقت.. لم أر شيئا كهذا من قبل".
وحث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم السبت خلال أول خطاب له بعد التحرير سكان خيرسون، إنه يجب توخي الحذر وعدم محاولة التحقق بشكل مستقل من أي مبان وأشياء تركها المحتلون.
وحتى قبل الغزو الروسي الشامل في وقت سابق من هذا العام، كان مزلو الألغام يواجهون جهودا استمرت لسنوات لإزالة الألغام من شرق أوكرانيا.
واحتلت البلاد المرتبة الخامسة في العالم من حيث الخسائر في صفوف المدنيين الناجمة عن الألغام ومن بين البلدان الثلاثة الأولى من حيث حوادث الألغام المضادة للمركبات.
ومع استمرار القتال العنيف في جنوب وشرق أوكرانيا، هناك أنواع عديدة من الألغام ومختلفة من الأجهزة التي تنشرها القوات الروسية، بما في ذلك ألغام الفراشات التي يطلق عليها الأوكرانيون أسم "بتلات"، وهي عبارة عن ألغام بلاستيكية صغيرة مضادة للأفراد اشتهرت في جميع أنحاء العالم بقدرتها على إلحاق الخسائر البشرية بعد فترة طويلة من انتهاء الحروب.
ألغام الفراشات
وتبدو هذه الألغام وكأنها ألعاب ، لذلك فهي تشكل خطرا بشكل خاص على الأطفال، كما أنها محظورة دوليا، ولكن وفقا للمسؤولين الأوكرانيين، فإن روسيا تستخدمها في حربها في أوكرانيا، مع وجود العديد من الأجهزة في مختلف المناطق التي مزقتها الصراعات.
ولكن مشكلة الألغام في أوكرانيا لا تقتصر على الأرض، كذلك أيضا في البحر الأسود مليئة بمئات الألغام التي أسقطها الروس والأوكرانيون، حيث تلقي كييف وموسكو باللوم على بعضهما البعض، ولا يزال مكان هذه الألغام غير معروف.
كما أن وجود الألغام يشكل تهديدا خطيرا للبلدان الأخرى المطلة على البحر الأسود، لذلك حذر مسؤولون بلغاريون المواطنين الذين يعيشون بالقرب من الساحل من هذه الألغام، بينما تعمل رومانيا على نزع فتيل الألغام الموجودة في مياهها، ويبدو أن لغمين على الأقل قد انجرافا إلى الساحل التركي منذ بداية الحرب.
ويحذر خبراء محليون في إزالة الألغام من أنه حتى لو انتهت الحرب غدا، فإن الأمر سيستغرق عقدا على الأقل لإزالة التهديد.التي تسببها الألغام.