كواليس وأسرار عن حياة فتاة المنصورة التي تخلصت من حياتها
رنا فتاة المنصورة، في مقتبل عمرها، أنهت حياتها بسبب مرورها بضائقة نفسية نتيجة خلاف حاد مع أسرتها، تركها "حبيبها" رغم تمسكها به، فقتلتها الوحدة والعزلة قبل أن تقتل هي نفسها بحبة الغلة القاتلة.. تفاصيل جديدة مثيرة سوف نتطرق إليها لرصد كواليس وأسرار حياة رنا في أيامها الأخيرة.
كواليس وأسرار حياة رنا فتاة المنصورة
كان يوم تخرج رنا هو يوم خروجها من الحياة بأكملها، أنهت رنا حياتها منتحرة، ولكن ما هي الأسباب الحقيقية وراء دافع رنا بالتخلص من حياتها؟
رنا فتاة دائما ما حلمت بالتفوق العلمي، فلم تكتفِ بالحصول على دبلوم تجارة، بل قررت مواصلة رحلة العلم والتحقت بمعهد حاسبات بمدينة المنصورة.
"التفكك الأسري" كان بمثابة "القشة" التي قصمت ظهر البعير، فقد انفصل أبوها عن أمها ثم تزوج بأخرى، وهكذا فعلت أمها وتزوجت بآخر، وتركاها هي وشقيقتها تواجهان مصاعب الحياة بمفردهما، فعاشت رنا مع أختها وانتقلت معها إلى شقتها بعد أن تزوجت تاركة قريتها "بحر العش" بكل ذكريات انفصال أبويها الأليمة.
حب لم يكتمل
عافرت رنا، صاحبة الـ 21 عاما، من أجل استكمال تعليمها وتعرفت على شاب، أوهمها أنها كل حياته، ولن يعيش بدونها، فصدقته مشاعرها الساذجة، ووقعت في حبه ظنا منها أن كلامه من داخل قلبه، لم تكن تعلم ما يخبئه لها القدر.
تمر الأيام وهما يعيشان في غرام وحب يحسدهما عليه الأصدقاء والصديقات، ولكن فجأة أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، وحين أبلغها الشاب - مخلفا وعده لها: "لم أستطع استكمال حياتي معك بسبب رفض أسرتي الارتباط بكِ"، سألته وعيناها تذرف بالدموع: "أين وعودك لي؟"، فقال لها: "لا أستطيع أن أخالف عائلتى".
انكسار رنا فتاة المنصورة
هنا انكسر كل شيء داخل قلب رنا، وشعرت بالوحدة والعزلة، لا أم تشاركها الرأي أو تساندها في محنتها، ولا أب سند لها في عز ضعفها، فقررت رنا أن تنهي حياتها وترحل إلى الدار الأخرة، لتخبر الجميع برسالة وداع حزينة عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".
رسالة رنا فتاة بلقاس
وكتبت رنا في منشورها: "أنا حزينة.. حزينة أوي إني وصلت للمرحلة دي.. وأنا بكتب الرسالة دي مش شايفة من كتر الدموع اللي بتنزل من قلبي مش عيني".
وقالت "رنا" : "أنا تعبت تعبت أوي واستحملت كتير أوي.. بس أنا إنسانة عندي طاقة مش قادرة استحمل كل ده لوحدي.. أنا بس كنت محتاجة حد يطبطب عليا وياخدني في حضنه.. أنا عمري ما حسيت بحنية أن ولا أب ولا إخوات ولا أصحاب.. أنا عايشة لوحدي حرفياً رغم وجود الناس دي حواليا.. أنا لوحدي والوحدة وحشة أوي ومُتعبة أوي".
واستكملت رنا : “أنا اتهلكت واتأذيت واتخذلت من أقرب ناس ليا وفي الآخر يتقالي معلش.. محدش يكلف نفسه يفكر فيا ولا يفكر في إحساسي.. أعيش ليه! أعيش لمين؟ أنا في الوقت ده كنت عاوزه بس اللي يحسسني إني أستاهل أتحب وإن حد يفضل معايا عشاني عشان بيحبني.. أنا حاربت الناس كلها عشان أبقى كويسة وكل محاولاتي فشلت.. اتأكدوا إني موصلتش لهنا بسهولة كده لا والله.. أنا عافرت عشان موصلش بس للأسف الحزن كان أقوى مني.. أتمنى ربنا يسامحني ويحاسبني على تعبي وقلة حيلتي مش على عدم إيماني بيه”.
وأضافت رنا فتاة المنصورة: "حاجة أخيرة.. أنا كنت لوحدي ودلوقتي لوحدي فأتمنى محدش من اهلي يحضر جنازتي لأني ماشيه زعلانة زعلانة منهم كلهم ومش مسامحة في حق نفسي ابداً، ادعولي بالرحمه وافتكروني بالخير وأتمنى متنسيش زي ما كنت منسية.. وقولوا للشخص اللي ختم نهاية حياتي إنه كان أملي الوحيد وللأسف خذلني، عرفوه إني كنت بحبه.. عرفووه إني خلاص فارقت الدنيا دي وأنا حزينة وزعلانة على نفسي.. هيعرف بالصدفة إني موت زيه زي ناس كتير أوي كانت في حياتي".
واختتمت المنشور قائلة: "حفلة تخرجي بعد بكره.. هي مش حفلة تخرجي من الكلية بس ومن الحياة كلها.. ادعولي ربنا يسامحني.. ومحدش يقولي ماتت كافرة لأن الكُفر هو إني أفضل عايشة مأذية ومنسية ووحيدة".
انهارت تلك الفتاة المسكينة التي صدقت إنسانا وظنت فيه العوض وأنه عوض الله عن كل ما عانته في حياتها من قهر وعذاب وألم، وقررت أن تبتعد عن هذه الحياة وأن تترك كل شيء راحلة بعيدا عن كل شيء، رحلت وتركت ذكرى ألم وحزن ودموع الأمل الوحيد الذي كان لها.
تشييع جثمان رنا فتاة المنصورة
وفور علم والدتها، انهارت وذهبت لها المستشفى تطلب منها السماح والعفو، وظلت بجوارها وأفاقت رنا بعد الوقت إلى أن لفظت انفاسها الأخيرة.
وفي مشهد مليء بالحزن، شيع أهالى قرية بحر العش التابعة لمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية جثمان الفقيدة رنا جمال، أمس الجمعة، من مسجد بحر العش لتدفن فى مقابر العائلة بدميانة، في مشهد جنائزي مهيب رسمه سكان القرية الذين عبروا عن حزنهم الشديد لرحيل "رنا" عن الحياة.
سبب انتحار فتاة جامعة المنصورة
في السياق ذاته، قالت إحدى صديقات فتاة جامعة المنصورة - رفضت ذكر اسمها - إن أهلها كانوا يعاملونها بشكل سيئ، وكانت على خلاف دائم معهم في أمور عدة.
وأضافت أنها “كانت تحب شخصا ما وضحت كثيرا من أجله لكنه لم يقف بجانبها بالرغم من أنها تخلت عن أمور كثيرة لم نكن نتخيلها من أجل حبها له، لكنه تركها في النهاية ولم يقف إلى جانبها في أصعب الظروف التي مرت بها”.
وتابعت: “رنا وجدت كل الظروف ضدها، أهلها والشخص الذي تحبه، شعرت بالوحدة والضيق من كثرة المشاكل، كانت فقط تريد أن تجد سندا لها في هذه الظروف ولكن الكل خيب أملها، وهذا ما دفعها للتخلص من حياتها بحبة الغلة”.
رأي الطب النفسي في تخلص الشباب من حياتهم
ويرى الطب النفسي أن من بين أسباب قيام الشباب بالتخلص من حياتهم، غياب الخطاب الديني الداعي لتغير السلوك، وأيضا انتشار المخدرات ومشاكل الضعف الجنسي، والمشكلات المتعلقة بالأمور المالية، مع تغافل الدور الرقابي للأسرة أو غيرها، بمعنى "أن الوقائع لا تحدث فجأة، فغالبا وبنسب تتجاوز الـ 50% ما يسبق الواقعة مؤشرات تشير إلى احتمالية حدوثها مثل التعرض لمشكلات نفسية أو عصبية أو الانطواء".
رأي الدين في تخلص الشخص من حياته
أما عن رأي الدين، كشف الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر بالقاهرة، عن حكم ذلك، قائلا إن من يفعل ذلك مسلم عاص ارتكب كبيرة من الكبائر، وأكد أن الله نهى عن قتل النفس، حتى لو كانت نفس كافر، فقتل النفس بغير حق مُحرَّم.