محمود حسن يكتب: ملخص حياتك
ما بين الإتباع والإعراض تكمن السعادة ، وماذا عساه يريد الإنسان في الدنيا غير السعادة ؟ ، ألم يشكوا الجميع من الشقاء وضيق العيش ؟ ، ألم يتألم الإنسان ويئن من الضياع والضباب وعدم وضوح الرؤية ، ويشعر انه ضل الطريق وتفرقت به السبل ؟ فيبحث عن السعادة في المال ، فإذا إمتلك المال لا يشعر بالسعادة وربما ويصاب بالإكتئاب والتعاسة أكثر مما كان عليه أيام الفقر والجوع ، فيبحث عن السعادة في الزوج والولد فإذا امتلكهم لا يشعر بالسعادة ، فيبحث عن السعادة في المنصب والجاه والسلطان فإذا ما إمتلكهم لا يشعر بالسعادة ، فيبحث عن السعادة في الشهرة والصيت والنجومية فإذا ما إمتلكهم لا يشعر بالسعادة ، فيغرق في اللهو واللعب والسهر والخمر والنساء والمعاصي بحثا عن لحظات سعادة فلا يجدها ولا يشعر بها ، ويظل هكذا حتى يملئ كأس العمر كف القدر ، فيلقى في حفرة مرتديا لفافة بيضاء لا جيوب لها ، فلا مال يحمله ولا ولد يرافقه ولا سلطان ولا جاه ولا نياشين على كتفيه ، ولم يشعر يوما بسعادة في الدنيا ولن يجدها في الآخرة أيضا، عاش محروما من السعادة وذهب مقهورا فاقدا حتى للبصر يتخبط في ظلمات سعيه وما اكتسبت يداه ، قتل الإنسان ما أكفره، لقد عاش عجولا جهولا غرورا متجبرا متكبرا حريصا طامعا ، لم يع الدرس ولم يفهم الحكمة فغرته الأماني وضحكت عليه الدنيا وسلبته الإرادة فتغلبت عليه وتمكنت من قلبه ، فقادته إلى مهلكه ، والحقيقة أن الأمر بسيط وسر السعادة يسير ، سر السعادة يكمن ما بين الإتباع والإعراض في حل مذهل و " روشتة " ربانية شافية لا تحتاج إلا لذكاء إقتناص للفرصة الحقيقية وليست للفرص الضائعة او التكالب على مقومات السعادة الزائفة، إقرأ وتأمل قول الحق في مخلص يسير مبهر لمجمل حياتنا من الميلاد حتى يوم القيامة مرورا بالموت وانتهاءا بجزاء الخلود في الجنة أو النار ، قال تعالى " فمن إتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا " ، سطرين من الآيات بحروف معدودة ما بين الإتباع والإعراض لخصت الحياة وما بعدها ، وانظر إلى كلمة " ضنك " وما تحمله من معاني تعجز الكلمات عن شرحها ، فقد حملت بين طياتها الضلال والشقاء وضيق العيش الشديد ، ويردف سبحانه قائلا " ونحشره يوم القيامة أعمى " لماذا ؟ لانه كان في الدنيا أعمى البصيرة فيحشر في الآخرة أعمى البصر " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " ومع ذلك يمنحه الحق جل وعلا حق التساؤل واحقية الدهشة ، فيقول " قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا " فيرد عليه الحق عز وجل في حوار مصيري بين الخالق والعبد الآبق مفسرا وموضحا له سر غباء الإنسان وسقوطه في أهم إمتحان وأعظم نتيجة في حياة الإنسان كلها ، فيقول له " كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى " أي تترك في النار ، فأي خزي هذا وأي خسران ؟؟ " فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَایَ فَلَا یَضِلُّ وَلَا یَشۡقَىٰ ، وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِی فَإِنَّ لَهُۥ مَعِیشَةࣰ ضَنكࣰا ، وَنَحۡشُرُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ أَعۡمَىٰ ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِیۤ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِیرࣰا ، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتۡكَ ءَایَـٰتُنَا فَنَسِیتَهَاۖ وَكَذَ ٰلِكَ ٱلۡیَوۡمَ تُنسَىٰ " صدق الله العظيم ، فهل لنا ان نستوعب الدرس لنتذوق طعم السعادة في الدارين ؟ .