فريدة الشوباشي تكتب: الدين.. شكل أم سلوك؟!
نعرف جميعا أن الثورة الفرنسية هى التى رفعت شعار..حرية،مساواة، إخاء.. والمتمعن فى هذه الكلمات الثلاث يدرك أهمية إقرارها ومن ثم فوائدها العميقة وآثارها التى تعتبر أغلى وأهم الكنوز البشرية وأنها وحدها قاطرة التقدم لأى دولة مهما تكن درجة ثرائها، حيث إن الثراء الحقيقى يكمن فى البشر، عقلا ووجدانا.. اقول ذلك بمناسبة محاولات البعض التمييز بين المصريين، من اول دور الحضانة إلى المؤسسات الاساسية فى الدولة وما أثاره أخيرا موضوع ضباط الشرطة الملتحين.. بينما فى فرنسا مثلا ،يُحظر ارتداء أى شىء يدل على عقيدة من يرتديه، فليس مسموحا فى المدارس مثلا، أى علامة تشى بانتماء صاحبها الى دين معين، فلا يضع التلاميذ سلاسل ذهبية او فضية او معدنية، بها صليب او مصحف او نجمة داوود، أو غير ذلك من الاعلان عن الانتماء الدينى بالمظهر.. وهنا فليسمح لنا أصحاب التدين الشكلي، هل يعتقدون او يسيئون الظن بنا لدرجة انهم يتصورون اننا نصدق ان ارتداء طفلة فى الحضانة،الحجاب،نابع من قناعتها الدينية وهى فى الخامسة من العمر مثلا؟ أم أن المسألة سياسية بلا ادنى شك؟..وكيف تسمح الدولة لبعض المدارس، ليس الاهلية والخاصة فحسب، بل والمدارس الحكومية، بتكريس الاختلاف بين المواطنين ليس بدرجات التفوق والسلوك القويم ،بل بتقسيم الاطفال،منذ نعومة أظافرهم ،إلى مسلم ومسيحى! أى ان يُحقق هؤلاء لأعداء مصر مبدأ فرق تسد الذى استماتت بريطانيا إبان احتلالها لمصر ،تطبيقه ،قبل ان تلقى سلاحها يائسة من التوصل الى تمييز المسلم من المسيحى إلا عندما يدخل هذا الجامع ليصلى ويدخل ذاك الى الكنيسة للصلاة..
وكما أشرت سابقا فإن عمرو بن العاص ،لم يأت بشعب عندما دخل الى مصر بل أن ابناء البلد، (مسيحيين ويهود) اهم من اعتنقوا الاسلام ولذا بقيت نفس الجينات المصرية بحيث يستحيل ان يستطيع ابرع عالم اجناس تحديد ديانة المصرى ومن جميع محافظات المحروسة..وفى ظنى أن الإلحاح على فرض ،صورة او شكل ،للمسلم او المسلمة ليس بريئا لأن الخالق وحده ،يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ،ويستحيل ان يدعى احد ان له صفة الخالق فى تحديد المؤمن من الكافر..ومن حقنا طرح سؤال فرضته الثقافة الدخيلة التى هبت علينا منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي،والتى لم تتوقف عن تمييز المصريين، على قاعدة الانتماء الديني...هل طلبت اسرائيل فى كل حروبها العدوانية علينا وقوف الجنود المسلمين فى جانب والمسيحيين فى جانب آخر، أم أن اسلحتها المدمرة كانت تستهدف المصرى ايا كانت عقيدته الدينية..؟..وما هو حكم من يصنفوننا على اساس الدين ،شكلا وليس جوهرا، على الجندى العظيم ،اللواء اركان حرب الراحل باقى زكى يوسف ،وهو صاحب فكرة تدمير خط بارليف الذى اقامته اسرائيل على الضفة الشرقية لقناة السويس،ليس بقنبلة نووية كما كانت تروج تل ابيب ،ولا باستشهاد عشرات الألوف من ابناء جيشنا البواسل ،بل بخراطيم المياه..وبالمناسبة اتمنى تدريس سيرة هذا البطل فى المدارس وتوضيح اسباب عدم تشييعه فى جنازة عسكرية ،وان ذلك نابع من قوانين وليس بسبب كونه مصريا مسيحيا ،كما يروج دعاة الفتنة والكراهية..وان كنت اعتقد ان اللواء باقى ،استثناء بكل ما تحمل الكلمة من معان ،وبالتالى كان يستحق ،استثناء ،بجنازة عسكرية...والأمل كبير فى استعادة ثقافة الانتماء الوطنى بعد ثورة يونيو، التى شارك فيها كل مصرى شريف ومحب لتراب المحروسة.