زلزال دولى.. الرئيس الروسي ينتقد الغرب ويعلن نهاية العالم بسبب «المليار الذهبى»
تصدرت نظرية «المليار الذهبي»، محركات البحث مؤخرًا بعد تردد صداها مؤخرًا على وقع العقوبات الغربية التي فُرضت على موسكو، إبان عمليتها العسكرية التي بدأت قبل أربعة أشهر في أوكرانيا.
النظرية التي تصف النخب الغربية بأنها تجمع وتحافظ على ثروتها، من خلال الاستغلال المنهجي والسيطرة على العالم غير الغربي، أشار إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في معرض حديثه عن انتهاء العالم أحادي القطب، خاصة بعد أن نجحت بلاده -بشكل وصف بـ«المذهل»- في تحدي العقوبات التي كانت تمني نفسها بانهيار اقتصادي وشيك لروسيا.
هذا وقد سلَّطت مجلة أمريكية الضوء -في تقرير- على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي ندد خلالها بموقف الغرب في الأزمة الأوكرانية بخطاب ألقاه 17 يونيو، بمنتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي، مؤكدًا انتهاء النظام العالمي أحادي القطب، الذي يسعى الغرب -بكل جهده- للحفاظ عليه، رافضًا الاعتراف بالتغيير الذي حدث في النظام العالمي.
وقال "بوتين": «النخب في الغرب تجمع ثرواتها وتحافظ عليها من خلال الاستغلال الممنهج لثروات العالم غير الغربي والسيطرة عليها. زملاؤنا يحاولون مقاومة مجرى التاريخ، يفكرون من منظور القرن الماضي، إنهم في أسر أوهامهم الخاصة حول بلدان خارج ما يسمى المليار الذهبي، ويرون كل شيء آخر على أنه محيط، وفناء خلفي، ويعاملون هذه الأماكن على أنها مستعمراتهم، ويعاملون الشعوب التي تعيش هناك كمواطنين من الدرجة الثانية، لأنهم يعدون أنفسهم استثنائيين».
وأضاف الرئيس الروسي: «منذ عام ونصف العام، أثناء حديثي في منتدى دافوس، أكدت -مرة أخرى- أن عصر النظام العالمي أحادي القطب انتهى، ومن ثمّ أريد أن أبدأ بهذا.. إنها حقيقة لا مفر منها، لقد انتهى النظام العالمي أحادي القطب، رغم كل المحاولات للحفاظ عليه بأي وسيلة ممكنة».
وبينما أكد بوتين أن الولايات المتحدة، منذ أن هيمنت على العالم بعد نهاية الحرب الباردة، تتبنى نهجًا يخدم مصالحها فقط، من دون الاعتراف بما عليها من مسؤوليات، قال إن الكرملين أُجبر على بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، بعد رفض الغرب معالجة المخاوف الأمنية المشروعة لروسيا.
وهاجم الرئيس الروسي العقوبات الغربية، قائلًا: الحرب الاقتصادية الخاطفة للغرب لم تفشل فقط في شل روسيا، لكنها ألحقت أضرارًا مماثلة بل وأكبر بأوروبا والولايات المتحدة.
تصريحات روسية، قالت عنها الصحف العالمية، إن بعض صانعي السياسة الغربيين بدا كأنهم يتفقون ضمنًا مع تقييم بوتين، إذ ذكرت شبكة بلومبرغ أن العديد من مسؤولي إدارة بايدن يعربون -بشكل خاص- عن قلقهم من أنه بدلاً من ثني الكرملين كما هو مقصود، فإن العقوبات تؤدي -بدلاً من ذلك- إلى تفاقم التضخم، وتزيد أزمة انعدام الأمن الغذائي ومعاقبة الروس العاديين أكثر من بوتين أو حلفائه.
وأوضحت أن اتفاق بعض صانعي السياسة الغربيين مع ما ذكره بوتين، من فشل العقوبات الغربية في تحقيق أهدافها، يأتي مع تفاقم مشكلة الأمن الغذائي العالمي، مشيرين إلى أن العقوبات الغربية على روسيا ستستغرق سنوات حتى تؤتي ثمارها، في ظل غياب أي علامات على تحول موقف الكرملين قريبًا.
ونقلت المجلة الأمريكية، عن خبراء غربيين، قولهم: آثار العقوبات الغربية على روسيا قد تستغرق سنوات حتى تتحقق، إلا أن جانيس كلوج، كبيرة المعاونين في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، قالت: مشكلات الاقتصاد الروسي ستزداد خلال الصيف وحتى الخريف، لكن بشكل تدريجي فقط.
ورغم تصريحات كلوج، فإن المجلة الأمريكية قالت إنه حتى في هذه الحالة -تأثر الاقتصاد الروسي- ليس هناك ما يضمن الشعور بأي ألم اقتصادي مستقبلي على نطاق يؤدي إلى إحداث تغييرات في التفكير الاستراتيجي للكرملين أو رفع تكلفة الصراع في أوكرانيا على روسيا بشكل لا تستطيع تحمُّله.
من جانبه، توقع المفاوض الأوكراني ديفيد أراخامية، أن تستمر هذه الحرب أكثر من أربع سنوات، حتى تشعر روسيا بعبء العقوبات، مضيفًا: السؤال هو ما إذا كانت أوكرانيا ستظل كما هي بعد ثلاث أو أربع سنوات، حتى تستطيع حينها الدخول في تفاوض يضمن حقوقها؟.
إلا أن الأضرار الجانبية الناجمة عن العقوبات، التي أصبحت صارخة بشكل متزايد، وتلاشي الآمال في هجوم أوكراني مضاد حاسم وسط تقدم روسي بطيء، فإن بعض القادة الغربيين وأعضاء فريق السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جو بايدن يعيدون النظر بحذر في الفترة الطويلة المحتملة للحرب.
وتوقعت المجلة التوصل إلى تسوية تفاوضية في غضون ذلك. ونقلت مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان قوله: الولايات المتحدة ستواصل دعم أوكرانيا من خلال التزويد المستمر بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية، مضيفًا أن واشنطن تجري محادثات مع كييف بشأن الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه التسوية مع روسيا.
وأشارت إلى سعي الغرب والولايات المتحدة إلى التفاوض مع موسكو، في ظل استمرار دعمهم لكييف، والتدارس معها بشأن شكل التسوية التي من الممكن الوصول إليها، والضمانات الأمنية التي يمكن تقديمها.
ونقلت المجلة الأمريكية عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قوله: «في مرحلة ما، عندما نبذل قصارى جهدنا لمساعدة أوكرانيا في المقاومة – عندما تكون قد انتصرت، كما أتمنى، وتوقف إطلاق النار– يتعين علينا التفاوض»، مضيفًا: «على رئيس أوكرانيا وقادتها التفاوض مع روسيا وسنكون نحن الأوروبيين حول تلك الطاولة، لنقدم لهم ضمانات أمنية».
وأوضحت: "لا يبدو أن هناك مساحة ذات مغزى للتسوية بين المتحاربين، مع استمرار الحرب في شهرها الرابع، إذ يصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -بعد أن شجعه الدعم العسكري الغربي غير المسبوق تاريخيًا- على أن كييف لن تدعم أي اتفاق سلام يتضمن تنازلات إقليمية".
في المقابل، توجد مجموعة متزايدة من الأدلة الظرفية، التي تشير إلى أن روسيا لن تنظر في مقترحات للتنازل عن الأراضي الشرقية والجنوبية الشرقية لأوكرانيا، التي تسيطر عليها، ويمكن أن تستولي عليها في المستقبل، ما يجعل من الصعب التوصل إلى أي تسوية أو اتفاق سلام.